يعرف أحد النوعين من اللفظ إلّا بقيد يضم إليه، فيقال: خلق حسن، وفي ضده خلق قبيح، فإذا أطلق عن التقييد انصرف إلى الخلق الحسن (?) .
وقال الفيروزابادي: اعلم أن الدّين كله خلق فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الدين، وهو يقوم على أربعة أركان: الصبر والعفة والشجاعة والعدل، وذكر أن كل واحد من هذه الأربعة يؤدي إلى غيره من المكارم ويحمل عليه، فالصبر (مثلا) يحمل على الاحتمال وكظم الغيظ وإماطة الأذى والأناة والرفق وعدم الطيش والعجلة.. وقال أيضا: والتوسط منشأ جميع الأخلاق الفاضلة من هذه الأربعة (?) .
لكي نوضح مفهوم الأخلاق الإسلامية، لابد من التعرّف أولا على المفهوم الاصطلاحي للفظي الخلق والأخلاق كما فهمه العلماء المسلمون، وسنحاول الكشف عن ذلك في الفقرات التالية:
يذهب الجاحظ (ت: 255 هـ) إلى «أن الخلق هو حال النفس، بها يفعل الإنسان أفعاله بلا روية ولا اختيار، والخلق قد يكون في بعض الناس غريزة وطبعا، وفي بعضهم لا يكون إلّا بالرياضة والاجتهاد، كالسخاء قد يوجد في كثير من الناس من غير رياضة ولا تعمل، وكالشجاعة والحلم والعفة والعدل وغير ذلك من الأخلاق المحمودة» (?) .
وكثير من الناس يوجد فيهم ذلك، فمنهم من يصير إليه بالرياضة ومنهم من يبقى على عادته، ويجري على سيرته.
ويعرّف ابن مسكويه (ت: 421 هـ) الأخلاق بأنها (?) «حال للنفس داعية لها إلى أفعالها من غير فكر ولا روية، وهذه الحال تنقسم إلى قسمين: منها ما يكون طبيعيّا من أصل المزاج، كالإنسان الذي يحركه أدنى شيء نحو غضب ويهيج من أقل سبب، وكالإنسان الذي يجبن من أيسر شيء، أو كالذي يفزع من أدنى صوت يطرق سمعه، أو يرتاع من خبر يسمعه، وكالذي يضحك ضحكا مفرطا من أدنى شيء يعجبه، وكالذي يغتم ويحزن من أيسر شيء يناله. ومنها ما يكون مستفادا بالعادة والتدرّب، وربما كان مبدؤه بالروية والفكر، ثم يستمر أولا فأولا حتى يصير ملكة وخلقا» .
أما الماوردي (ت: 450 هـ) فقال: الأخلاق «غرائز كامنة، تظهر بالاختيار، وتقهر بالاضطرار» (?) .