بأنه القرآن (?) ، وسمي خلقه عظيما لأنه لم تكن له صلّى الله عليه وسلّم همة سوى الله تعالى، وقيل: لاجتماع مكارم الأخلاق فيه، وقيل: لأنه امتثل تأديب الله إيّاه (?) . وقال الماوردي في الخلق العظيم ثلاثة أوجه: أحدها: أدب القرآن، الثاني: دين الإسلام، الثالث: الطبع الكريم وهو الظاهر.
قال: وحقيقة الخلق ما يأخذ به الإنسان نفسه من الآداب، سمي بذلك لأنه يصير كالخلقة فيه (?) .
والخلاق: ما اكتسبه الإنسان من الفضيلة بخلقه (?) . قال تعالى: ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ (البقرة/ 102) ، الخلاق قيل: النصيب، وقيل: الدين، وقيل: القوام، وقيل: الخلاص، وقيل: القدر (?) ، والأول قول مجاهد.
قال القرطبي: وكذلك هو عند أهل اللغة إلّا أنه لا يكاد يستعمل إلّا للنصيب من الخير (?) . والخليقة: الطبيعة، وجمعها خلائق، قال لبيد:
واقنع بما قسم المليك فإنّما ... قسم الخلائق بيننا علّامها
والخلقة (بالكسر) الفطرة، يقال: خلق فلان لذلك، كأنه ممن يقدّر فيه ذلك وترى فيه مخائله. والخلق والخلق: السّجية، وفلان يتخلق بغير خلقه أي يتكلفه، قال الشاعر (سالم بن وابصة) :
يا أيّها المتحلّي غير شيمته ... إنّ التّخلّق يأتي دونه الخلق (?) .
وقال ابن منظور: الخلق هو الدين والطبع والسجية، وحقيقته أن صورة الإنسان الباطنة وهي نفسه وأوصافها ومعانيها المختصة بها بمنزلة الخلق لصورته الظاهرة وأوصافها ومعانيها، ولهما (أي للصورتين) أوصاف حسنة وقبيحة، والثواب والعقاب يتعلقان بأوصاف الصورة الباطنة أكثر مما يتعلّقان بأوصاف الصورة الظاهرة، ولهذا تكررت الأحاديث في مدح حسن الخلق (?) ، أما قول الله تعالى: إِنْ هذا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ (الشعراء/ 137) . فالخلق قيل: هو شيمة الأولين، وقيل: عادة الأولين، أما قراءة خلق (بفتح الخاء وسكون اللام) ، فالمراد به الافتراء والكذب (?) ، أي أنه في معنى الاختلاق وقال صاحب «التحرير والتنوير» في تفسير هذه الآية: الخلق السجية المتمكنة في النفس باعثة على عمل يناسبها من خير أو شر، وتشمل طبائع الخير وطبائع الشر ولذلك لا