لكلمة «الأخلاق» وكلمة «خلقي» تأثير خاص، كان مدعاة للاختلاف حول تحديد هذا اللفظ، ومن ثمّ تعددت الآراء حول تحديد معنى الأخلاق لغة واصطلاحا على النحو الذي نوضحه فيما يلي:-
الأخلاق لغة:
الأخلاق في اللغة جمع خلق، والخلق اسم لسجية الإنسان وطبيعته التي خلق عليها، وهو مأخوذ من مادة (خ ل ق) التي تدل على تقدير الشيء. يقول ابن فارس: ومن هذا المعنى (أي تقدير الشيء) الخلق، وهو السّجية لأن صاحبه قد قدّر عليه، يقال: فلان خليق بكذا (أي قادر عليه وجدير به) ، وأخلق بكذا أي ما أخلقه، والمعنى هو ممن يقدّر فيه ذلك، والخلاق: النصيب لأنه قد قدّر لكل أحد نصيبه (?) .
وقال الراغب: الخلق والخلق (والخلق) في الأصل واحد لكن خصّ الخلق بالهيئات والأشكال والصور المدركة بالبصر، وخص الخلق بالقوى والسجايا المدركة بالبصيرة (?) . قال تعالى: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (القلم/ 4) ، الخلق العظيم هنا هو- كما يقول الطبري- الأدب العظيم، وذلك أدب القرآن الذي أدبه الله به وهو الإسلام وشرائعه، وقد روى هذا المعنى عن ابن عباس- رضي الله عنهما- في قوله: لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ المعنى: على دين عظيم وهو الإسلام. وعن مجاهد في قوله: خُلُقٍ عَظِيمٍ قال: الدين. وعن عائشة- رضي الله عنها- عند ما سئلت عن خلق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قالت: «كان خلقه القرآن» . قال قتادة: تقول: كما هو في القرآن (?) .
وذكر القرطبي أن المراد بالخلق العظيم أدب القرآن، وقيل: هو رفقه بأمته وإكرامه إياهم، وقيل المراد: إنك على طبع كريم (?) ، وقال أيضا: حقيقة الخلق في اللغة هو ما يأخذ به الإنسان نفسه من الأدب لأنه يصير كالخلقة فيه، وأما ما طبع عليه الإنسان من الأدب فهو الخيم أي السّجية والطبع، وعلى ذلك يكون الخلق: الطبع المتكلف، والخيم الطبع الغريزي، وقد ذكر الأعشى ذلك في شعره فقال:
وإذا ذو الفضول ضنّ على المو ... لى وعادت لخيمها الأخلاق
أي رجعت الأخلاق إلى طبيعتها (?) . وقد رجح القرطبي تفسير عائشة- رضي الله عنها- للخلق العظيم