ويمكن تقسيم هذه الحكم العظيمة والمنح الجليلة في ثلاثة أمور:

1- إصلاح علاقة العبد بربه عز وجل.

2- إصلاح علاقة العبد بنفسه.

3- إصلاح علاقة العبد بالآخرين.

الأول: إصلاح علاقة العبد بربه عز وجل:

يتجلى ذلك بوضوح فيما يلي:-

أ- التوبة وصولا إلى الكمال البشري:

قال بعض العارفين: لو لم تكن التوبة أحب إلى الله لما ابتلى بالذنب أكرم المخلوقات عليه (الإنسان) فالتوبة هي غاية كل كمال آدمي، ولقد كان كمال أبينا آدم عليه السلام بها، فكم بين حاله وقد قيل له: إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى (?) . وبين حاله وقد أخبر عنه المولى بقوله: ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى (?) .

فالحال الأولى حال أكل وشرب وتمتع، والحال الثانية حال اجتباء واصطفاء وهداية، ويا بعد ما بينهما، ولما كان كماله (آدم) بالتوبة كان كمال بنيه بها أيضا، ذلك أن كمال الآدمي في هذه الدار إنما يكون بالتوبة النصوح، وفي الآخرة بالنجاة من النار، وهذا الكمال الأخير مرتب على الكمال الأول، قال ابن القيم- رحمه الله تعالى-: التوبة هي حقيقة دين الإسلام، والدين كله داخل في مسمى التوبة، وبهذا استحق التائب أن يكون حبيب الله. فإن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين (?) . وإنما يحب الله من فعل ما أمر به. وترك ما نهي عنه. فإذا التوبة هي الرجوع عما يكرهه الله ظاهرا وباطنا إلى ما يحبه ظاهرا وباطنا.

ب- الحمد والشكر والرضا:

ومن الحكمة أيضا ما توجبه التوبة من آثار عجيبة من المقامات التي لا تحصل بدونها فيوجب له ذلك من المحبة والرقة واللطف وشكر الله تعالى وحمده والرضا عنه عبوديات أخرى، ويكفيه أن الله- عز وجل- يفرح بتوبته أعظم فرح، وينعكس ذلك على الإنسان فيحس بفرح الظفر بالطاعة والتوبة النصوح، ويجد لذلك انشراحا دائما ونعيما ومقيما. (انظر صفات: الحمد، الشكر، الثناء، الرضا، المحبة) .

ج- الاستغفار:

إذا وقع الإنسان في الذنب شهد نفسه مثل إخوانه الخطائين وأن الجميع مشتركون في الحاجة إلى مغفرة الله- عز وجل- وعفوه ورحمته، وكما يحب المرء أن يستغفر له أخوه المسلم ينبغي له أيضا أن يستغفر لأخيه، فيصير هجيراه وديدنه «رب اغفر لي ولوالدي وللمسلمين والمسلمات وللمؤمنين والمؤمنات» . (انظر صفات: الاستغفار، التوبة، الإنابة) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015