ومن حكم الابتلاء بالمعصية أن الله يحب أن يتفضل على عباده ويتم نعمته عليهم، ويريهم مواقع بره وكرمه وإحسانه، ومن أعظم أنواع الإحسان والبر، أن يحسن إلى من أساء، ويعفو عمن ظلم، ويغفر لمن أذنب ... وقد ندب المولى عباده إلى هذه الشيم الفاضلة والأفعال الحميدة، وهو أولى بها منهم وأحق، وله في تقدير أسبابها من الحكم ما يبهر العقل فسبحانه وبحمده. (انظر صفات: الإحسان، البر، بر الوالدين، الفضل) .
ومن الحكم في الابتلاء بالذنب؛ أنه سبحانه له الأسماء الحسنى، ولكل من أسمائه أثر من الآثار في الخلق والأمر، لا بد من ترتبه عليه، كترتب المرزوق والرزق على الرازق، وترتب المرحوم وأسباب الرحمة على الراحم، ولو لم يكن من عباده من يخطىء ويذنب ليتوب عليه ويغفر له ويعفو عنه، لم يظهر أثر أسمائه الغفور والعفو والحليم والتواب، وما جرى مجراها.. فأسماؤه الغفار والتواب تقتضي مغفورا له وكذلك من يتوب عليه، وأمورا يتوب عليه من أجلها (انظر صفات: الرحمة والعفو والاستغفار وخاصة فيما يتعلق من ذلك باتصافه عز وجل بهذه الصفات) .
وتعريف العبد بعزة الله في قضائه وقدره:
ومن الحكمة أيضا أنه سبحانه يعرف عباده عزه في قضائه وقدره ونفوذ مشيئته وجريان حكمته، وأنه لا محيص للعبد عما قضاه عليه ولا مفر له منه بل هو في قبضة مالكه وسيده. (انظر صفة الإيمان وخاصة ما يتعلق بالقدر وصفة التوكل واليقين) .
ومن حكم الابتلاء بالمعاصي تعريف العبد حاجته إلى حفظ الله له ومعونته وصيانته، وإلا فهو هالك، وإن وكله الله إلى نفسه وكله إلى ضيعة وعجز وذنب وخطيئة وتفريط، وقد أجمع العلماء على أن التوفيق، ألّا يكل الله العبد إلى نفسه، وأن الخذلان كل الخذلان أن يخلي بينه وبين نفسه، وفي دعاء الرسول صلّى الله عليه وسلّم «اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين» وتمام هذا الحديث: عن أبي بكرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «دعوات المكروب: اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت» (?) (انظر صفة التوكل) .
يستجلب الله من العبد عند ما يبتليه بالذنب ما هو من أعظم أسباب السعادة له من الاستعاذة والاستعانة والدعاء والتضرع والابتهال والإنابة والمحبة والرجاء والخوف. (انظر هذه الصفات في مظانها من الموسوعة) .