المقام الثاني: أن الله قد عصم رسوله من الكفر، وأَمنه من الشرك، واستقر ذلك من دين المسلمين بإجماعهم فيه وإطباقهم عليه، فمن ادعى أنه يجوز عليه أن يكفر بالله أو يشك فيه طرفة عين، فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه، بل لا تجوز عليه المعاصي في الأفعال، فضلًا عن أن ينسب إلى الكفر في الاعتقاد، بل هو المنزّه عن ذلك فعلًا واعتقادًا، وقد مهدنا ذلك في كتب الأصول بأوضح دليل.
المقام الثالث: أن الله قد عرّف رسوله بنفسه وبصّره بأدلته، وأراه ملكوت سماواته وأرضه، وعرّفه سنن من كان قبله من إخوته فلم يكن يخفى عليه من أمر الله ما نعرفه اليوم، ونحن حُثالة أمته، ومن خطر له ذلك فهو ممن يمشي مُكِبًّا على وجهه، غير عارف بنبيّه ولا بربه.
المقام الرابع: تأملوا فتح الله إغلاق النظر عنكم إلى قول الرواة الذين هم بجهلهم أعداء على الإسلام ممن صرح بعداوته أن النبي صلى الله عليه وسلم لما جلس مع قريش تمنى أن لا ينزل عليه من الله وحي1 فكيف يجوز لمن معه أدنى مسكة أن يخطر بباله أن النبي صلى الله عليه وسلم آثر وصل قومه على وصل ربه، وأراد أن لا يقطع أنسه بهم بما ينزل عليه من عند ربه من الوحي الذي كان حياة جسده.