نصب الرايه (صفحة 944)

مَذْكُورٍ، وَهُوَ قَوْلُهُ: وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ. الثَّانِي: أَنَّ مُسْلِمًا رَوَاهُ مُفَسَّرًا: "إذَا رَأَيْتُمْ الْهِلَالَ فَصُومُوا، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَصُومُوا ثَلَاثِينَ يَوْمًا"، انْتَهَى كَلَامُهُ. قَالَ صَاحِبُ "التَّنْقِيحِ": وَمَا ذَكَرَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ أَنَّ آدَمَ بْنَ أَبِي إيَاسٍ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَوَاهُ عَلَى التَّفْسِيرِ مِنْ عِنْدِهِ للخبر، فغير قادح في صِحَّةِ الْحَدِيثِ، لِأَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام إمَّا أَنْ يَكُونَ قَالَ اللَّفْظَيْنِ، وَهُوَ ظَاهِرُ اللَّفْظِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ قَالَ أَحَدَهُمَا، وَذَكَرَ الرَّاوِي اللَّفْظَ الْآخَرَ بِالْمَعْنَى، فَإِنَّ اللَّامَ فِي قَوْلِهِ: فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ لِلْعَهْدِ أَيْ عِدَّةَ الشَّهْرِ وَالنَّبِيُّ عليه السلام لَمْ يَخُصَّ بِالْإِكْمَالِ شَهْرًا دُونَ شَهْرٍ، إذَا غُمَّ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ شَعْبَانَ وَغَيْرِهِ، إذْ لَوْ كَانَ شَعْبَانُ غَيْرَ مُرَادٍ مِنْ هَذَا الْإِكْمَالِ لَبَيَّنَهُ، لِأَنَّ ذِكْرَ الْإِكْمَالِ عَقِيبَ قَوْلِهِ: صُومُوا وَأَفْطِرُوا، فَشَعْبَانُ وَغَيْرُهُ مُرَادٌ مِنْ قَوْلِهِ: فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ، فَلَا تَكُونُ رِوَايَةُ: فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ مُخَالِفَةً لِرِوَايَةِ: فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ، بَلْ مُبَيِّنَةٌ لَهَا. أَحَدُهُمَا: أَطْلَقَ لَفْظًا يَقْتَضِي الْعُمُومَ فِي الشَّهْرِ، وَالثَّانِي: ذَكَرَ فَرْدًا مِنْ الْأَفْرَادِ، قَالَ: وَيَشْهَدُ لَهُ حَدِيثٌ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ1 عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: "لَا تَصُومُوا قَبْلَ رَمَضَانَ، صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ سَحَابٌ، فَكَمِّلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ، وَلَا تَسْتَقْبِلُوا الشَّهْرَ اسْتِقْبَالًا"، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَرَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ حبان في "صحيحهما"، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ فِي "مُسْنَدِهِ"2 حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ3: "صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ غَمَامَةٌ أَوْ ضَبَابَةٌ، فَأَكْمِلُوا شَهْرَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ، وَلَا تَسْتَقْبِلُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ مِنْ شَعْبَانَ". قَالَ: وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذَا الْحَدِيثُ نَصٌّ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ صَحِيحٌ كَمَا قَالَ التِّرْمِذِيُّ، وَسِمَاكٌ، وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَابْنُ مَعِينٍ، وَرَوَى لَهُ مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ" قَالَ: وَاَلَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ مُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ: أَنَّ كُلَّ شَهْرٍ غُمَّ أَكْمَلَ ثَلَاثِينَ، سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ شَعْبَانُ، وَرَمَضَانُ، وَغَيْرُهُمَا، وَعَلَى هَذَا يَكُونُ قَوْلُهُ: "فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ، فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ" رَاجِعًا إلَى الْجُمْلَتَيْنِ، وَهُمَا قَوْلُهُ: "صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ، أَيْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فِي صَوْمِكُمْ، أَوْ فِطْرِكُمْ"، هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ اللَّفْظِ، وَبَاقِي الْأَحَادِيثِ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، كَقَوْلِهِ: "فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ، فَأَقْدِرُوا لَهُ"، انْتَهَى.

الْحَدِيثُ الثَّانِي: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ4 عَنْ جَرِيرٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ رِبْعِيٍّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015