نصب الرايه (صفحة 943)

قُلْت: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1 عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ عليه السلام ذَات يَوْمٍ، فَقَالَ: "هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟ " فَقُلْنَا: لَا، فَقَالَ: "إنِّي إذًا صَائِمٌ"، ثُمَّ أَتَانَا يَوْمًا آخَرَ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُهْدِيَ لَنَا حَيْسٌ، فَقَالَ: "أَدْنِيهِ، فَلَقَدْ أَصْبَحْت صَائِمًا"، فَأَكَلَ، انْتَهَى.

الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: قَالَ عليه السلام: "صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ الْهِلَالُ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا"، قُلْت: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ2 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذَا رَأَيْتُمْ الْهِلَالَ فَصُومُوا، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ، فَأَفْطِرُوا، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ"، انْتَهَى. وَفِي لَفْظٍ لَهُمَا: "فَعُدُّوا ثَلَاثِينَ"، وَفِي لَفْظٍ: "فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ"، وَفِي لَفْظٍ: "فَصُومُوا ثَلَاثِينَ يَوْمًا"، وَالْمُصَنِّفُ رحمه الله احْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْيَوْمَ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ يَوْمُ شَكٍّ إذَا غُمَّ هِلَالُ رَمَضَانَ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ صَوْمُهُ إلَّا تَطَوُّعًا، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي "التَّحْقِيقِ": وَأَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ رضي الله عنه، أَنَّهُ يَجِبُ صَوْمُهُ بِنِيَّةٍ مِنْ رَمَضَانَ، وَلَا يُسَمَّى يَوْمَ شَكٍّ، قَالَ: وَيَوْمُ الشَّكِّ فَسَّرَهُ أَحْمَدُ بِأَنْ يَتَقَاعَدَ النَّاسُ عَنْ طَلَبِ الْهِلَالِ، أَوْ يَشْهَدَ بِرُؤْيَتِهِ مَنْ يَرُدُّ الْحَاكِمُ شَهَادَتَهُ، وَنُقِلَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَالتَّابِعِينَ رضي الله عنهم، وَاسْتَدَلَّ لِأَصْحَابِنَا، وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمْ، بِأَرْبَعَةِ أَحَادِيثَ: أَحَدُهَا: حَدِيثُ الْبُخَارِيِّ الْمُتَقَدِّمِ: "فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ"، ثُمَّ أَجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ الْإِسْمَاعِيلِيَّ قَالَ فِي "صَحِيحِهِ" الَّذِي خَرَّجَهُ عَلَى الْبُخَارِيِّ: تَفَرَّدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ عَنْ آدَمَ عَنْ شُعْبَةَ، فَقَالَ فِيهِ: فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا، وَقَدْ رَوَيْنَاهُ عَنْ غُنْدَرٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، وَابْنِ عُلَيَّةَ، وَعِيسَى بْنِ يُونُسَ، وَشَبَّابَةَ، وَعَاصِمِ بْنِ عَلِيٍّ، وَالنَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ، وَيَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، كُلُّهُمْ عَنْ شُعْبَةَ، لَمْ يَذْكُرْ أَحَدًا مِنْهُمْ: فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا، وَإِنَّمَا قَالُوا فِيهِ: فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَعُدُّوا ثَلَاثِينَ، قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ آدَم رَوَاهُ عَلَى التَّفْسِيرِ مِنْ عِنْدِهِ، وَإِلَّا فَلَيْسَ لِانْفِرَادِ الْبُخَارِيِّ عَنْهُ بِهَذَا اللَّفْظِ مِنْ بَيْنَ مَنْ رَوَاهُ عَنْهُ وَجْهٌ، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ رحمه الله: فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْمَعْنَى: فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ رَمَضَانُ فَعُدُّوا ثَلَاثِينَ، وَلَا يَصِيرُ لَهُمْ فِيهِ حُجَّةٌ، عَلَى أَنَّ أَصْحَابَنَا يُؤَوِّلُونَ مَا انْفَرَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ مِنْ ذِكْرِ شَعْبَانَ، فَقَالُوا: نَحْمِلُهُ عَلَى مَا إذَا غُمَّ هِلَالُ رَمَضَانَ، وَهِلَالُ شَوَّالٍ، فَإِنَّا نَحْتَاجُ إلَى إكْمَالِ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ، احْتِيَاطًا لِلصَّوْمِ، فَإِنَّا وَإِنْ كُنَّا قَدْ صُمْنَا يَوْمَ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ، فَلَسْنَا نَقْطَعُ بِأَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ، وَلَكِنَّا صُمْنَاهُ حُكْمًا، قَالَ: وَيَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ شَيْئَانِ: أَحَدُهُمَا: عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى أقرب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015