مصفوف. وكانت مسيرة ذلك أكثر من شهر لراكب من هذه الحال لا يرى فيها الشمس ولا يفارقه الظل. وكان وراء السد أنهار عظام، وكانت المياه تخرج من أنقاب في مجار لها حتى ترتوي الجنان بتدبير أهل الحكمة. وكانت السيول تنحدر من الجبال هابطة على رؤوسها حتى تهلك الزرع، فصنعت له مصارف إلى البحر بتقدير عمرت به البلاد. ثم طالت الإعصار، فعمل الماء في تلك الأنقاب فأضعفها، فغلب الماء عليها، وجاء السيل فدفعها، فخرجت البلاد حتى تقوض سكان تلك الأرض عنها. وقيل: خربت الفأرة السد ليكون ذلك أظهر في الأعجوبة. وقال: وذلك لا اختلاف فيه عند أهل تلك الديار لشهرته".
ومن نكت الماوردي: بعث الله لسبأ ثلاثة عشر نبياً فكفروا بهم، فعاقبهم الله بسيل العرم. وكان لهم بستان عن يمين الوادي وشماله، وكانت المرأة تمشي ومكتلا على رأسها فيمتلئ من الثمر. قال: والعرم: المطر الشديد أو المسناة بلغة أهل الحبشة، أو اسم الوادي الذي كانت تجتمع فيه المياه، سدوه بين جبلين بالحجارة والقار، وجعلوا له أبواباً، يأخذون منها بقدر ما يحتاجون. فلما تركوا أمر الله، وكفروا بأنبيائه، بعث الله عليهم جرذاً يقال له: الخلد، فخرقة وأفسد أرضهم. قال: والقرى التي في قوله تعالى: "والقرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة"، قيل في القرى