"وكان غزلا مغرماً بالنساء. وخرج في سفر، حتى إذا كان بأرض بني أسد في جهة ناظرة، وبينا هو يسبر إذ جالت ناقته فصرعته فاندقت فخذه، فبات مكانه؛ حتى إذا أصبح غدا جواري الحي يجنين الكمأة وغيرها من نبات الأرض، والناس في ربيع، فأبصرنه ملقى ففزعن وهربن، فدعا بجارية منهن فقال لها: من أنت؟ قالت: حليمة بنت فضالة بن كلدة _ وكانت أصغرهن، فأعطاها حجراً وقال: اذهبي إلى أبيك، فقولي: ابن هذا يقرئك السلام! فأتته فأخبرته، فقال: يا بنية، لقد أتيت أباك بمدح طويل أو هجاء طويل. ثم احتمل [هو] وأهله حتى بنى عليه بيته حيث صرع، وقال: لا أتحول أبداً أو تبرأ. وكانت حليمة تقوم عليه حتى استقل".
قال: ثم مات فضالة، فقال أوس يرثيه في عدة قصائد، أجلها وأشهرها قصيدته التي منها:
أيتها النفس أجملي جزعاً ... إن الذي تحذرين قد وقعا
إن الذي جمع السياة والن ... جدة والحزم والتقى جمعا
المخلف المتلف المرزأ لم ... يمتع بضعف ولم يمت طبعا