لحاجته أي المحتاج دون غيره وفرق القرافي بين الصفة والعلة بأن الصفة مكملة لا علة وهي أعم من العلة فإن وجوب الزكاة السائمة ليس للسوم وإلا لوجبت في الوحوش وإنما وجبت لنعمة الملك وهي مع السوم أتم منها مع العلف. ومنها العدد نحو ((فاجلدوهم ثمانين جلدة)) لا أكثر من ذلك، وحديث الصحيحين (إذا شرب الكلب من إناء أحدكم فليغسله سبع مرات) أي لا أقل منها كذا قدره المحلي فيهما. قال في الآيات البينات وإنما اقتصر الشارح هنا على نفي الأكثر لأنه ممنوع في نفسه بخلاف الأقل ليس ممنوعًا في نفسه بل هو مطلوب لأن كل جزء من الثمانين مطلوب وإنما الممنوع الاقتصار عليه وإنما اقتصر على نفي الأقل فيما بعده من حديث شرب الكلب لأن الأقل لا يحصل معه المقصود بخلاف الأكثر يحصل معه المقصود وزيادة، فالأقل لا يحصل المقصود والأكثر يحصله وليس ممنوعًا منه لذاته بل لخارج عنه كاعتقاد كون الأكثر مطلوبًا. ومنها الحال نحو أحسن إلى العبد مطيعًا أي لا عاصيًا. ومنها الشرط نحو ((وإن كن أولات حمل فانقوا عليهن)) مفهومه انتفاء المشروط عند انتفاء الشرط أي فغير أولات حمل لا يجب الإنفاق عليهن ونحو من تطهر صحت صلاته. ومنها الغاية نحو ((فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجًا غيره)) أي فإن نكحته حلت للأول بشرطه ((ولا تقربوهن حتى)) المشهور الحرمة حتى تطهر بالماء وقيل حتى تطهر من الحيض.
قوله وهو أي المفهوم ظرف قد يقال فيه أيضًا مفهوم صفة ومفهوم شرط ومفهوم غاية والمراد بمفهوم الشرط ما فهم من تعليق حكم على شيء بأداة شرط كان وإذا وبمفهومه الغاية ما فهم من تقييد الحكم بأداة غاية كإلى وحتى واللام، قوله تعتمد عليها في الاحتجاج بها جيء بها لزيادة الإيضاح والوزن وإلا فغيرها من المفاهيم مثلها.
تنبيهان، الأول: إنما قلت مفهوم المخالفة بمعنى محل الحكم دون نفس الحكم وإن كان يطلق عليه أيضًا إضافة المفهوم إلى الصفة ونحوها فيقال مثلًا مفهوم الصفة ومفهوم الشرط إلى غير ذلك فإنها لا تدل على الحكم بل على محله لظهور إن لفظه سائمة إنما يدل على المعلوفة لا على نفي الزكاة إذ لا علقة بينه وبني نفي الزكاة إذ لا ينتقل