فالمساوي لا يسمي مفهوم موافقة وإنما هو خاص بالأولى وإن كان المساوي مثل الأولى في الاحتجاج به.
وقيل ذا فحوى الخطاب والذي ... ساوى بلحنه دعا المحتذى
يعني: أن بعضهم جعل الموافقة قسمي أحدهما فحوى الخطاب وهو ما كان المسكوت فيه أولى بالحكم من المنطوق، والآخر هو ما كان مساويًا له فيه ويسمى هذا لحن الخطاب مثال المساوي تحريم إحراق مال اليتيم الدال عليه نظرًا للمعنى أي العلة ((إن الذي يأكلون أموال اليتامى ظلمًا)) فهو مساو لتحريم الأكل لمساواة الإحراق للأكل في الإتلاف والمراد بالمعنى والعلة هنا ما علق به الحكم كالإيذاء في التأفيف والإتلاف في أموال اليتامى، قولنا نظرًا للمعنى أي دون ما وضع له اللفظ ولا يلزم أن يكون قياسًا لقوله في المختصر: إنا نقطع بفهم المعنى في محل السكوت لغة قبل شرع القياس. قال السعد أنه أشار بقوله قبل شرع القياس إلى أن المراد أنه ليس من القياس الذي جعله الشرع حجة وإلا فلا نزاع أنه إلحاق فرع بأصل بجامع إلا أن ذلك مما يعرفه كل من يعرف اللغة من غير افتقار إلى نظر واجتهاد بخلاف القياس الشرعي. قال اللقاني: تحريم الأكل غير منطوق على رأي السبكي والمحلي أعني في تفسيرهما المنطوق بما دل عليه اللفظ في محل النطق لأنه لم ينطق به بل بملزومه وهو التوعد فلا يصدق أن المفهوم موافق للمنطوق نعم هو منطوق غير صريح على رأي القوم لأنه حكم غير مذكور من أحكام محل النطق وهو أكل مال اليتيم وقد يجاب بأنه معناه مع جواز إرادته معه وقد يسمى مفهوم الموافقة على اختصاصه بالأولى بلحن الخطاب كما قد يسمى المساوي مفهوم المساواة وسكتنا عن مفهوم الأدون إذ ليس لهم مفهوم إلا دون وإن كان لهم قياسه كقياس الشافعي التفاح على البر في الربا ولحن الخطاب مفهومه ومنه ((ولتعرفنهم في لحن القول)) ويأتي اللحن بمعنى الفطنة ومنه قوله صلى الله عليه وسلم (فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض) أي أفطن بها وذكر أهل اللغة أن اللحن بإسكان الحاء الخطأ وبفتحها الصواب وعند التنقيح أن لحن الخطاب هو دلالة الاقتضاء.