يعني: أن الخلاف في التكليف بالمشروط أو المسبب حال عدم الشرط أو السبب تظهر ثمرته في تكليف الكافر بالفروع هل يجوز أولا؟ وعلى جوازه هل وقع في الشريعة أولا؟ قولان في كل منهما موجودان في المذهب من غير ترجيح. ومن شيوخ المذهب من يرجح عدم وقوع خطابهم بها وبه قال أكثر الحنفية وهو ظاهر مذهب مالك إذ المأمورات لا يمكن مع الكفر فعلها ولا يؤمر بعد الإيمان بقضائها والمنهيات محمولة عليها حذرا من تبعيض التكليف فدليل منع التكليف بالفروع هو تعذرها بانتفاء شرطها الذي هو الإيمان لكونه شرطا للعبادة منها لا لكل فرع على التفصيل إذ منها النواهي وقد مر أن الإيمان ليس بشرط في متعلقاتها ووجه كون الإيمان شرطا للعبادة أنه شرط للنية المعتبرة فيها ركنا أو شرطا والنية مشروطة بالإيمان إذ يمتنع قصد ايقاع الفعل قربة من جاهل بالمقترب إليه فالإيمان شرط للعبادة من حيث أنه شرط لركنها أو لشرطها فإن قيد الشرط قيد في المشروط. والقول الأول: وهو أنهم مخاطبون بفروع الشريعة هو ما صححه السبكي وعزاه ابن الحاجب للمحققين وذكره ولي الدين عن مالك والشافعي وأحمد وهو ظاهر المذهب عند الباجي وابن العربي وابن رشد وحجة هذا القول قوله تعالى ((وله على الناس حج البيت)) لأنه عام يتناول الكافر فإذا تناوله الأمر تناوله النهي من باب أولى لأن كل من قال بالأمر قال بالنهي بخلاف العكس وقوله تعالى: ((فويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة)) وقوله تعالى ((يتساءلون عن المجرمين ما سلككم في سقر، قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين)) وقوله ((والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس .. إلى ومن يفعل ذلك)) الآية، فذلك يتناول ما تقدم من الشرك والقتل والزنا فيعاقب على الأخيرين كما يعاقب على الأول واحتجوا على المانعين بقوله صلى الله عليه وسلم (الإسلام يجب ما قبله) فإن الجب القطع وإنما يقطع ما هو متصل فلولا القطع لاستمر التكليف.
ثالثها الوقوع في النهي يرد ... بما افتقاره إلى القصد انفقد
وقيل في المرتد