لا يقتضي إلا تحصيل المقصد لا الوسيلة ولم يعطو الوسيلة حكم مقصدها بدليل أنه إذا ترك المقصد كصلاة الجمعة والحج فإنه يعاقب عليهما دون المشي اليهما وإذا لم يستحق عقابا عليه لم يكن واجبا لأن استحقاق العقاب من خصائص الوجوب. قلت: ولعل هذين الدليلين غير مسلمين عند الجمهور وإلا لما تأتى لهم القول بوجوبه به

والبعض ذو رأيين قد تفرقا

يعني: أن بعض المخالفين لنا غير المطلقين ذهبوا إلى رأيين مختلفين فبعضهم قال أنه يجب بوجوبه إن كان سببا كمساس النار لمحل فإنه سبب إحراقه عادة بخلاف الشرط كالوضوء للصلاة, والفرق أن السبب لاستناد المسبب إليه أشد ارتباطا به من الشرط بالمشروط لأنه يلزم من وجوده وجود المسبب بخلاف الشرط مع المشروط وقال إمام الحرمين يجب إن كان شرطا شرعيا كالوضوء للصلاة لا عقليا كترك ضد الواجب أو عاديا كغسل جزء الرأس بغسل الوجه فلا يجب بوجوب مشروطة إذ لا وجود لصورة مشروطة عقلا أو عادة بدونه فلا يقصده الشارع بالطلب بخلاف الشرعي فإنه لولا اعتبار الشرع له لوجد صورة مشروطة بدونه فكان اللائي قصد الشارع له بطلب الواجب للحاجة إلى قصده به لعدم ما يقتضيه. والعقلي والعادي توقف وجود صورة الواجب عليهما مقتض لهما ومغن عن قصدهما, وسكت إمام الحرمين عن السبب وهو لاستناد المسبب إليه في الوجود كالعقلي والعادي فلا يقصده الشارع بالطلب فلا يجب كما أفصح به ابن الحاجب في مختصره الكبير وقول السبكي في دفعه السبب أولى بالوجوب من الشرط الشرعي منعه المحلي وأيد المنع بأن السبب ينقسم كالشرط إلى, شرعي كصيغة الإعتاق له, وعقلي كالنظر للعلم يعني عند من يجعل حصول العلم عقب صحيح النظر بطريق اللزوم العقلي لا العادي وعادي كجزء الرقبة للقتل أي ليس في وسعه إلا جزء الرقبة دون ترتب الموت. قال زكريا: وجه التأييد أن السبب إذا كان ينقسم كالشرط إلي شرعي وعقلي وعادي فالسبب العقلي والعادي كالشرط العقلي والعادي بالأول فلا يطلق القول بأن السبب أولى بالوجوب من الشرط الشرعي على أنه لا يخفي أن السبب الشرعي لشدة ارتباطه بمسببه كالشرط العقلي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015