نزه الطرف يا أخا الظرف ليلاً ... في طيور أحسن بها من طيور
فوق وجه الماء تسعى وترعى ... كنقوش قد خيلت في ستور
عن لصاحبي إوزة فضية اللون، بينها وبين المرزم في الحسن بون. كأنما خاضت في اللهب، وكرعت من ماء الذهب، تسبق الريح في المطار، وترتفع إلى أن تغيب عن
الأبصار فرماها، في حال بعدها عن العيون، وصرعها عاجلاً أسرع ما يكون، فحسنت له الجفة وباركت فيه، وأظهر من سر الظفر ما كان يخفيه، وخرج فرحاً بتحصيلها مائداً وحملها من كان له شاهداً، ورمى لمن قبله وسبقه، وفي بحر الحمد والشكر غرقه. ثم تواتر الرمي من كل نبيه ونبيل، وتفرقوا من ذلك الوجه على وجه جميل:
كم طائر للأرض أمسى واقعاً ... بنجم قوس للسماء قد سما
من حيث لا يشعر يأتيه الردى ... فاعجب له من صامت تكلما
لم يدر من أين أصيب قلبه ... وإنما الترامي درى كيف رمى
فلما شاهدت من أحوالهم ما راقني، ومن نوالهم ما قيدني عن غيرهم وعاقني، أثنيت على من بهم عرفني، وبالطيب المسكي من أنفاسهم عرفني. وقمت ناشراً وصف المواقف والأطيار قائلاً على سبيل التشوق والتذكار:
ياصاح قم نسعى إلى الأملاق ... فنحوها قد ذبت من أشواقي