بأيديهم قسي قدودها رشيقة، وملابسها مدبجة أنيقة، من الطين اللازب نجمها، ومن الدمقس المفتل لحمها. أجاد خرمها الصناع، وهذبت كماة الرماة منها الطباع. كأنها حواجب مقرونة، أونونات معرقة موضونة، أو أهلة مشرقة النور، أو مناجل لحصاد أعمار الطيور.
حوامل إذا دنا نتاجها ... تقذف من أكبادها كواكبا
ومعهم للرمي بنادق، أسرع في الإصابة من الفيالق، كأنها كرات دورية، لا بل كواكب درية، تمر بهم عساكر الطيور المختلفة، وهي تختال في برودها المفوفة ولم تدر أن أيدي المنون إليها ممتدة، وأن سيوف الحتوف لها معدة. إن هبطت مسبقة أصابتها عيون أوتارها المبصرة، وإن نهضت محلقة فكرات قسيهم عنها غير مقصرة، فتسقط عليهم سقوط الندى، وتهوي إليهم مجيبة لداعي الردى:
تهوي إليهم وتأتي ... من كل فج عميق
يا حسن بدر منير ... يسعى لصب مشوق
فبينما هم في وجه عشاؤه أضاء بنور التهاني، ولمعت فيه بارقة بروق الأماني، والليل قد أرخى أستاره، وأبرز من النجوم درهمه وديناره، والأنهار سارية وسارحة، والأطيار في الملق سابحة وسائحة: