حب زينب، وهو الذي أبداه الله، هذا قولهم بأفواههم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم حاشاه ذلك كان منزها عن هذا بكل الأدلة والبراهين والبينات.
وأول هذه الأدلة وأولاها بالتقدير، وهي من أبلغ أدلة البراءة هي نفسها التي اتخذها المرجفون الخراصون دليلا للتأثيم، وهو معنى قوله تعالى: وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ فهم جعلوا ما أخفاه رسول الله صلى الله عليه وسلم- حاشاه ذلك- حبّ زينب عندما رآها بغتة، وقيل: رغبته في فراق زينب زيدا.
وهذا مردود عليه منقوض لأنه صلى الله عليه وسلم أمر زيدا بإمساك زينب وعدم تطليقها، فلو كان راغبا في ذلك لما أمره بالتقوى والصبر والتحمل والتجمل.
وقد كان صلى الله عليه وسلم يعلم سلفا بوحي من الله سبحانه وتعالى أن زينب ستكون من أزواجه وستكون أما للمؤمنين، ولكنه أخفى هذا في نفسه، ولم يطلع زيدا عليه، وكلما جاءه شاكيا لم يطلعه على السر الذي أميط اللثام له عنه، لأنّ الله تعالى لم يخف شيئا عن نبيّه صلى الله عليه وسلم.
هذا هو الحق والصدق والصواب والذي يوافق عصمة النبوة التي تتنزه عن أوضار الهوى وأرجاس الغواية، وأدناس الضلالة ... ورسول الله صلى الله عليه وسلم، أولى بكل فضل وفضيلة ... لأنّ الله تعالى قد طهّره تطهيرا، وأعلى درجته ورفع ذكره في العالمين، ولذلك كان محالا أن تسيطر عليه شهوة الجسد، وكان مستحيلا أن يكون مقودا في لحظة من اللحظات إلى نزوة من النزوات الدنيوية.
ثم إن زينب ابنة عمته لم تكن بعيدة منه، ولم يكن جمالها خافيا عليه ...
ومن غير المعقول أن يصر تزويجها من زيد وهو لا يدرك ولا يعرف مقدار جمالها!!! ...