يسجل الصورة الحقيقية على أكمل وجه وأتمه إنصافا للحق والحقيقة وقطعا لدابر الفتنة، فقال سبحانه وتعالى:
وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ.
لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسوقا إلى هذا الزواج بعاطفة غريزية كما هو في كل الزيجات أو أكثرها، لكن إرادة الله من وراء هذا التزويج حتى يتم إبطال قضية التبني، وما يترتب عليها من حقوق وآثار كانت مقررة في الجاهلية، وأراد الإسلام أن ينسخها ويمحوها ويبطل كل آثارها.
لكن الأفئدة المريضة، والقلوب السقيمة، والضمائر المعتلة تأخذ من هذه الواقعة مادة للغمز واللمز غير الكريم، وقد استثمرها المستشرقون في التخرص والأفيكة والبهتان.
ولئن كان أولئك المستشرقون قد عوّلوا على أقوال بعض المفسرين من علماء المسلمين، والذين بدورهم كوّنوا عقيدتهم تلك على أحاديث مرسلة، وأخرى ضعيفة الإسناد، وبعض المرويات قد كانت مشوبة بمنهج المعتزلة كما ورد من تأويل الزمخشري في كشافه.
إن نيران الفتنة ألهب ضرامها، وأوقد جمرتها وأذكى سعيرها وأسجر تنورها تأويل المتأولين وتفنيد المفندين لقوله تعالى:
وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ.
فالذين سولت لهم أنفسهم شيئا، وسوغت لهم وبررت تأويلهم، وذهاب ظنونهم كل مذهب في دلالة الاية أنه صلى الله عليه وسلم كان يخفي في نفسه