فذهب عمر من فوره إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكو إليه صاحبيه، ويحكي له ما جرى من هذا الأمر ... ثم يقول له صلى الله عليه وسلم بعد أن سمع قصته ما يمحو من نفسه ووجدانه كل هم وحزن وغم وحزازة، فيقول له أحلى وأجمل كلمات كان يتمناها عمر رضي الله عنه:
«يتزوج حفصة من هو خير من عثمان، ويتزوج عثمان من هي خير من حفصة» .
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي خير من عثمان وكأن عمر لا يصدق نفسه من شدة الفرح والابتهاج، والغبطة والسعادة حيث ردّ إليه اعتباره، بعد أن شعر بمهانه الرقص والزهد في ابنته، وليس هناك لرسول الله صلى الله عليه وسلم من شبيه ولا مثيل ولا ضريب في عالم الرجولة والرجال.
كان شرفا عظيما ومجدا أثيلا للفتاة الشابة ابنة الثماني عشرة سنة، الأرمل الغرير أن تصبح أما للمؤمنين وزوجا لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
تهلل وجه عمر، وكاد يطير فرحا وحبورا يبشر كل من لقيه بهذا الخبر الميمون السعيد المبارك، فيتلقى التهاني من الناس، وانطلق إلى ابنته ليبشرها بفضل الله تعالى وجميل بره، وجزيل عطائه، وجليل مكافأته ومجازاته لها على صبرها واحتمالها المكاره وحزنها على فراق زوجها، وليس هناك عوض أجمل ولا أعظم من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم يقول أبو بكر معتذرا لعمر: «لا تجد عليّ يا عمر، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر حفصة، فلم أكن لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو تركها لتزوجتها» .
كان أعظم رأب للصدع الذي شدخ نفس حفصة، فرتق الفتق، وسد