شابة فاتنة حسناء في خير عمرها وشبابها، وهي من هي حسبا ونسبا وفضلا وكرامة ... لكن حدث غير المتوقع ... أبدى أبو بكر عطفا وتأثرا وهو يرثي لحالها، لكنه أمسك عن القبول ولا حتى التعريض أو التلميح بقبول ولا رفض، ولم يبرر هذا السكوت ...
كان ألم عمر بالغا، وشعوره بالإحباط بليغا، حيث رجع بخفي حنين، يضرب أصدريه، صفر اليدين، وقد انقشع أمله ورجاؤه، وفوجئ بسراب خادع من التوهم والتظني، ولكن مع حزنه ولوعته، لم يفت ذلك في ساعده، ولم يثن من عزمه، ولم يجعله ينصرف عن مهمته أو يتحول عنها.
وانطلق إلى بيت الرجل الصالح التقي النقي ذي الوجه المشرق والسمت الكريم السمح الجواد الشريف المعطاء عثمان بن عفان رضي الله عنه، وكانت زوجه رقية بنت محمد صلى الله عليه وسلم قد مرضت رحمها الله وذلك إبّان وقعة بدر وبعد انتصار المسلمين مباشرة توفيت رضي الله عنها وقد أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم لزوجها عثمان في القعود عن الحرب ليجلس إلى جوار زوجته لتمريضها، لكنها اختارت جوار ربها فرضي الله عنها وأرضاها.
تكلم عمر عن حال ابنته ومحنتها وحزنها إلى عثمان وعرضها عليه ليتزوجها، وما كان عمر ليختار لابنته إلا كريم الأصل طيب الجرثومة، أريحيّ الخصال ...
لكن عثمان رضي الله عنه استمهله أياما، ثم جاء بعدها يقول له: «ما أريد أن أتزوج اليوم» !!.
كان وقع هذا على عمر شديدا قاسيا مريرا، اختلج على اثره اختلاجا، وزلزل من دخيلته زلزالا نفسيا قاسيا.