القوم فرحّلوا بعيرها، وأخذوا الهودج وهم يظنون أنها فيه، فاحتملوا الهودج فشدوه على البعير، ولم يشكوا أنها فيه، ثم أخذوا رأس البعير، فانطلقوا به، فرجعت إلى المعسكر، وما فيه من داع ولا مجيب، قد انطلق الناس ... فتلففت بجلبابها، ثم اضطجعت في مكانها، وعرفت أن لو قد افتقدت لرجع إليها ...

ثم تقول بلسانها رضي الله عنها:

«فو الله إني لمضطجعة، إذ مرّ بي صفوان بن المعطل السلمي، وقد كان تخلف عن العسكر لبعض حاجته، فلم يبت مع الناس فرأى سوادي، فأقبل حتى وقف عليّ فلما رآني قال:

إنا لله وإنا إليه راجعون، ظعينة رسول الله صلى الله عليه وسلم! ما خلفك يرحمك الله؟!

فما كلمته ... ثم قرّب البعير، فقال: اركبي، واستأخر عني، فركبت، وأخذ برأس البعير، فانطلق سريعا يطلب الناس، فو الله ما أدركنا الناس وما افتقدت، حتى أصبحت ونزل الناس ... » .

هذا القول سمعه منها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينكر عليها منه شيئا، ولم يتطرق إلى ذهنه شك أو ريبة أو هاجس، ولم يداخله حدس أو ترجم بغيب أو مظنة سوء بحال من الأحوال ... إذ إن الظاهر أنه صلى الله عليه وسلم بعد أن سمع كلامها، لم يعلق بخاطره من هذا الموضوع شيء البتة ولا فكّر فيه برهة من زمان، لأن الموضوع لا يستحق ولا يقتضي جهدا في التمحيص وإعمال الذهن لأنه لا شيء فيه غير طبيعي.

بيد أن أعداء الإسلام المجرمين من المنافقين الذين كانوا يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر، وكانوا من المتربصين لأدنى هفوة لينسجوا على منوالها افتراآتهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015