والمقاطعة، مسجلة هذا القرار الصارم الظالم الجائر في صحيفة وعلقوها على جدار الكعبة أو في جوفها.

وكانت خديجة وزوجها وبنو هاشم وبنو عبد المطلب قد أخرجهم الكفار والمشركون من مكة وأحصروهم وألجأوهم إلى اللواذ بشعب أبي طالب، وظلوا على هذه الحال سنوات ثلاث متدرعين بالصبر، شعارهم الإيمان، ودثارهم اليقين ...

لوعة الفراق

أصعب وأشق شيء على النفس هو فراق الأحبة ومزايلة الحلائل، بعد العشرة الطيبة، والمخالطة والمودة والحب المحصن الصريح الخالص.

إن الروحين عندما ينزلان في جسد واحد، أو عندما ينقسم الروح بين جسدين يكون ذلك دليلا على أن أحدهما متمم للاخر مكمل له، فلا سعادة تامة ولا هناء في غياب أحدهما عن شريكه.

من ثم كان الموت مصيبة لا تعدلها مصيبة، لأنه يصرم المودة، ويباعد تماما المحبين في الدنيا، ويكون نزوله صعبا وأليما عندما يأتي على أحد الزوجين المتوافقين اللذين يعيشان في رغد وهناء وليان من العيش ... حتى إن الحيّ منهما يكون كأنه هو الميت لشعوره بالانهيار، وكأنه يعيش في غير الزمان والمكان أو أنه لا يعيش في الزمان والمكان، وكأنه جسد بلا روح أو بدن بلا قلب.

بينا كانت المواجهة على أشدها بين الحق الواضح الأبلج وبين الباطل اللجوج، وبينا استعرت حدة المدافعة وحمي الوطيس، وقد أراد الله سبحانه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015