بكرين أخفاهما في شعاب مكة ليفتدي بهما ابنته من الأسر، ثم دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليفدي ابنته، فلما سأله رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البكرين اللذين أخفاهما في شعاب مكة ولم يعرف بأمرهما أحد شهد أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، حقا وصدقا، فعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم تخيير ابنته بين أن تكون طليقا من الأسر بالفدية وبين أن يتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ... فقبل أبوها وخيّرها فاختارت رسول الله صلى الله عليه وسلم، واختارت الإيمان لتكون في أحمى جناب، وأجمل جوار، فيزداد شرفها رفعة، وتنال ذكرا طيبا حسنا إلى يوم القيامة، فرضي الله عنها وأرضاها. وذكر في السيرة أن صداقها كان أربعمائة درهم.
ولم تكن هناك امرأة خلعت على قومها من الكرامة والبركة مثل ما صنعت جويرية، حيث إن أهلها من تلك اللحظة التي بنى عليها رسول الله صلى الله عليه صاروا أصهارا له فكان كل صحابي بيده أسرى منهم أطلقه أو أطلقهم أحرارا تكريما لمكانة مصاهرتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل: قد أعتق أهل مائة بيت من بني المصطلق.
وكانت السيدة عائشة أول من رآها وهي على باب رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستقبلتها، وكأن خوفا شديدا قد ألقي في قلب السيدة عائشة إذ شعرت أن شيئا سيحدث إرهاصا وتوقعا إذا ما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تقول السيدة عائشة:
«وكانت- أي جويرية- امرأة حلوة ملاحة، لا يراها أحد إلا أخذت بنفسه،