وقال في الحطة بذكر الصحاح الستة في ذكر الشيخ ولي الله بن عبد الرحيم الدهلوي: إن ابن ابنه

المولى محمد إسماعيل الشهيد اقتفى أثر جده في قوله وفعله جميعاً، وتمم ما ابتدأه جده وأدى ما كان

عليه وبقي ما كان له، والله تعالى مجازيه على صوالح الأعمال وقواطع الأقوال وصحاح الأحوال،

ولم يكن ليخترع طريقاً جديداً في الإسلام كما يزعم الجهال وقد قال الله تعالى: " ما كان لبشر أن

يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عباداً لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما

كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون" وطريقه هذا كل مذهب حنفي وشرعة حقة مضى عليها

السلف والخلف الصلحاء من العجم والعرب العرباء ولم يختلف فيه إثنان ممن قلبه مطمئن بالإيمان،

كما لا يخفى على من مارس كتب الدين وصحب أهل الإيقان، كيف وقد ثبت في محله أن الرجل

العامل بظواهر الكتاب وواضحات السنة أو بقول إمام آخر غير إمامه الذي لا يقلده لا يخرج عن

كونه متمذهباً بمذهب إمامه كما يعتقده جهلة المتفقهة، ويتفوه بها الفقهاء المتقشفة من أهل الزمان

المحرومين عن حلاوة الإيمان وهو رحمه الله تعالى أحياً كثيراً من السنن المماتات وأمات عظيماً من

الإشراك والمحدثات، حتى نال درجة الشهادة العليا، وفاز من بين أقرانهم بالقدح المعلى، وبلغ منتهى

أمله وأقصى أجله، ولكن أعداء الله ورسوله تعصبوا في شأنه وشأن أتباعه وأقرانه، حتى نسبوا

طريقته هذه إلى الشيخ محمد النجدي ولقبوهم بالوهابية، وإن كان ذلك لا ينفعهم ولا يجدي، لأنهم لا

يعرفون نجداً ولا صاحب نجد، وما له به ولا بعقائده في كل ما يأتون ويذرون من ذوق ولا وجدان،

بل هم أهل بيت علم الحنفية وقدوة الملة الحنيفية وأصحاب النفوس الزكية وأهل القلوب القدسية

المؤيدة من الله الذاهبة إلى الله، تمسكوا عند فساد الأمة بالحديث والقرآن واعتصموا بحبل الله،

وعضوا عليه بالنواجذ كما وصاهم به رسولهم ونطق به القرآن، انتهى.

والشيخ إسماعيل قتل في سبيل الله لست ليال بقين من ذي القعدة سنة ست وأربعين ومائتين وألف

بمعركة بالاكوث وقبره ظاهر مشهور بها.

الشيخ إسماعيل بن علي السورتي

الشيخ الفاضل إسماعيل بن علي الحسيني الواعظ السورتي أحد العلماء الصالحين، ولد ونشأ بمدينة

سورت وأخذ عن أبيه وعن غيره من العلماء، وكان يعظ الناس ولا يهاب في الأمر والنهي أحداً من

الأمراء.

مات لتسع بقين من صفر سنة أربع عشرة ومائتين وألف، كما في الحديقة.

المفتي إسماعيل بن الوجيه المراد آبادي

الشيخ الفاضل العلامة إسماعيل بن المفتي وجيه الدين المراد آبادي المشهور باللندني، كان من

العلماء المشهورين في الفنون الحكمية، قدم لكهنؤ في صباه، وقرأ العلم على من بها من العلماء،

وولي العدل والقضاء بمدينة لكهنؤ، فاستقل بها زماناً، ثم بعثه نصير الدين الحيدر اللكهنوي ملك أوده

بالسفارة إلى ملك الجزائر البريطانية، فسافر إلى انكلترا وأقام بها زماناً، وتزوج هناك بأوربية كانت

تسمى بمس دف، فاشتهر باللندني بطول إقامته بلندن عاصمة الجزائر البريطانية، وكان يذكر

باختلال العقيدة، وإني سمعت شيخنا محمد نعيم اللكهنوي يقول: إنه لما رجع عن أوربا مع صاحبته

وبنيه أشارت عليه زوجته أثناء الطريق أن يرتحل إلى الحجاز ويتشرف بالحج والزيارة فاستنكف

عنه، وقال لها: إني لا أعتقد في الجدران، انتهى.

ومن مصنفاته حاشية على شرح التهذيب لليزدي، وحاشية على شرح هداية الحكمة للميبذي،

وحاشية على تشريح الأفلاك للعاملي، وشرح على المقامات للحريري بالفارسي، وله قسط كبير في

تصنيف تاج اللغات وهو في سبع مجلدات كبار صنفه الشيخ أوحد الدين البلكرامي والسيد غني نقي

الزيد بوري والمفتي سعد الله المراد آبادي والمفتي إسماعيل اللندني وغيرهم من العلماء، أوله:

سبحان الذي علم آدم الأسماء بحذافيرها وألهمه لغات الأشياء بنقيرها وقطميرها إلخ، وذلك الكتاب

صنف في عهد نصير الدين الحيدر المذكور وكتب له الخطبة إسماعيل اللندني فطرزه بمدائح الحيدر

في الخطبة بقوله:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015