أكرم الرامبوري في كتابه روز
نامه.
أبو سعد إسماعيل بن الحسين الويلوري
الشيخ العالم الصالح أبو سعد إسماعيل بن الحسين بن إمام الدين بن أنور الدين الويلوري المدراسي،
كان مولده في سنة إحدى وأربعين ومائتين وألف تقريباً ببلدة ويلور قرأ القرآن على والده بالقراءة
والتجويد، ثم رحل إلى مدراس وقرأ العلم على عمه عبد الحميد وأخيه محمد رضا، وحضر في صغر
سنه في مجلس الشيخ محمد علي بن عناية علي الحسيني الرامبوري، فمسح على رأسه وتفرس فيه
الخير، ثم لازم الشيخ خان عالم خان المدراسي الذي تلقى الذكر عن الشيخ محمد علي المذكور،
وهاجر إلى الله سبحانه بعد ما كان من أهل الدنيا، فاهتدى به وأخذ عنه الطريقة وصار كالخليفة له
في نشر المعارف الحقة وإشاعة المعروف وإبطال المنكرات من الرسوم الباطلة والمبتدعات، بايعه
خلق كثير ممن لا يحصون بحد وعد.
وكان في الموعظة والتذكير آية، من رآه وحضر في مجلسه مرة تاب عن الإشراك والبدع وسائر
المعاصي، واختار مولاه على ما سواه، فعمرت المساجد وأقيمت الصلوات وتركت رسوم الجاهلية
والمبتدعات.
رحل إلى الحرمين الشريفين، فحج وزار، ورجع إلى الهند، ومات بها في شعبان سنة ست وسبعين
ومائتين وألف ببلدة ويلور فدفن بها، كما في تذكرة النبلاء.
الشيخ إسماعيل بن عبد الغني الدهلوي
الشيخ العالم الكبير العلامة المجاهد في سبيل الله الشهيد إسماعيل بن عبد الغني ابن ولي الله بن عبد
الرحيم العمري الدهلوي أحد أفراد الدنيا في الذكاء والفطنة والشهامة وقوة النفس والصلابة في الدين،
ولد بدهلي لإثنتي عشرة من ربيع الثاني سنة ثلاث وتسعين ومائة وألف، وتوفي والده في صباه،
فتربى في مهد عمه الشيخ عبد القادر بن ولي الله الدهلوي، وقرأ عليه الكتب الدرسية واستفاض عن
عميه الشيخ رفيع الدين والشيخ عبد العزيز أيضاً، ولازمهم مدة طويلة، وصار بحراً زاخراً في
المعقول والمنقول، ثم لازم السيد الإمام أحمد بن عرفان الشهيد البريلوي، وأخذ عنه الطريقة، وسافر
معه إلى الحرمين الشريفين سنة سبع وثلاثين ومائتين وألف فحج وزار ورجع معه إلى الهند، وساح
البلاد والقرى بأمره سنتين، فانتفع به خلق لا يحصون بحد وعد، ثم سافر معه إلى الحدود سنة إحدى
وأربعين ومائتين وألف، فجاهد معه في سبيل الله، وكان كالوزير للإمام، يجهز الجيوش، ويقتحم في
المعارك العظيمة بنفسه، حتى استشهد في بالاكوث من أرض ياغستان.
وكان نادرة من نوادر الزمان وبديعة من بدائعه الحسان، مقبلاً على الله بقلبه وقالبه، مشتغلاً بالإفادة
والعبادة، مع تواضع وحسن أخلاق وكرم وعفاف وشهامة نفس وصلابة دين وحسن محاضرة وقوة
عارضة وفصاحة ورجاحة، فإذا جالسه منحرف الأخلاق أو من له في المسائل الدينية بعض شقاق
جاء من سحر بيانه بما يؤلف بين الماء والنار ويجمع بين الضب والنون، فلا يفارقه إلا وهو عنه
راض، وقد وقع مع أهل عصره قلاقل وزلازل وصار أمره أحدوثة، وجرت فتن عديدة في حياته
وبعد مماته، والناس قسمان في شأنه فبعض منهم مقصر به عن المقدار الذي يستحقه بل يريعه
بعظائم، وبعض آخر يبالغ في وصفه ويتعصب له كما يتعصب أهل القسم الأول وهذه قاعدة مطردة
في كل من يفوق أهل عصره في أمر.
وأما مختاراته في المسائل الشرعية:
فمنها أنه ذهب إلى أن رفع اليدين في الصلاة عند الإفتتاح والركوع والقيام منه والقيام إلى الثالثة
سنة غير مؤكدة من سنن الهدى فيثاب فاعله بقدر ما فعل، إن دائماً فبحسبه وإن مرة فبمثله، ولا يلام
تاركه وإن تركه مدة عمره، ومنها أن رفع المسبحة في أثناء التشهد عند التلفظ بكلمة التوحيد ثابت
بحيث لا مرد له، وإن في مسألة القراءة خلف الإمام دلائل الجانبين قوية،