إلى بلدته وأخذ الطريقة القلندرية عن ابن خاله عماد الدين
المذكور سنة اثنتين وعشرين ومائة وألف وجلس على مسند الإرشاد وناهز ثلاثاً وتسعين سنة، أخذ
عنه ابنه نعمة الله، ونور الحق، وشمس الدين وخدا بخش وخلق آخرون، توفي سنة إحدى وتسعين
ومائة وألف، كما في مشجرة الشيخ بدر الدين.
السيد مجيب الله البالابوري
الشيخ الفاضل مجيب الله بن منيب الله بن عناية الله بن محمد الحسيني الخجندي البالابوري أحد
المشايخ النقشبندية، ولد بمدينة ايلجبور من أرض برار سنة ست عشرة ومائة وألف، وقرا العلم على
أبيه ولازمه ملازمة طويلة وأخذ عنه الطريقة وانتقل معه من ايلجبور إلى أورنك آباد فسكن بها،
وكان زاهداً تقياً نقياً كريم النفس عميم الإحسان، مات ليلة الإثنين لليلتين خلتا من ربيع الثاني سنة
ست وخمسين ومائتين وألف.
القاضي محب الله البهاري
الشيخ العالم الكبير العلامة محب الله بن عبد الشكور العثماني الصديقي الحنفي البهاري أحد الأذكياء
المشهورين في الآفاق، ولد ونشأ في كرا بفتح الكاف قرية من أعمال محب علي بور من أرض بهار
وعشيرته تعرف بالملك، وقرأ بعض الكتب الدرسية على الشيخ قطب الدين بن عبد الحليم الأنصاري
السهالوي وأكثرها على العلامة قطب الدين الحسيني الشمس آبادي، ثم رحل إلى معسكر السلطان
عالمكير وكان في بلاد الدكن فولاه القضاء بمدينة لكهنؤ ثم نقله بعد مدة إلى حيدر آباد ثم عزله عن
القضاء وجعله معلماً لرفيع القدر بن شاه عالم بن عالمكير، ولما ولي شاه عالم على بلاد كابل وسافر
إليها استصحبه مع ولده رفيع القدر فأقام بها زماناً، ثم لما قام شاه عالم بالملك بعد والده عالمكير سنة
ثماني عشرة ومائة وألف ولاه الصدارة العظمى ولقبه فاضل خان سنة تسع عشرة.
ومن مصنفاته سلم العلوم في المنطق ومسلم الثبوت في أصول الفقه والجوهر الفرد في مبحث
الجزء الذي لا يتجزى، وهذه الثلاثة مقبولة متداولة في مدارس العلماء، وله رسالة في المغالطات
العامة الورود، ورسالة في إثبات أن مذهب الحنفية أبعد عن الرأي من مذهب الشافعية على خلاف ما
اشتهر.
واستدل عليه بوجوه:
منها أن الحنفية قائلون بأن العام من الكتاب والسنة قطعى فلا يصح بخلافه القياس بخلاف الشافعية
فإنهم يجوزون القياس بخلافه فالحنفية لا يخصصون العام بالرأي بل يقولون ببطلان الرأي هنالك.
ومنها أن الشافعية حملوا المطلق على المقيد بالقياس والحنفية لا يحملون المطلق على المقيد
بالقياس.
ومنها أن المراسيل من الأحاديث مقبولة عند الحنفية فإنهم يقدمونها على الرأي بخلاف الشافعي فإنه
يقول بتقديم الرأي عليها إلا أن يكون مع المرسل عاضد من إسناد أو إرسال آخر أو قول صحابي أو
أكثر العلماء أو عرف أنه لا يرسل إلا عن ثقة.
ومنها أن قول الصحابي إن كان فيما لا يدرك بالرأي فعند الحنفية كلهم حجة ملحق بالسنة فيقدم على
القياس، والشافعي لا يرى قوله حجة مقدمة على الرأي بل يقدم رأيه على قوله.
ومنها أن زيادة جزء أو شرط في عبارة ثبت إطلاقها بالكتاب يجوز عند الشافعي بالرأي لأنه
تخصيص وتقييد وعند أبي حنيفة لا يجوز ذلك لأنه نسخ لإطلاق الكتاب.
ومنها أن الحنفية احتاطوا في إثبات صحة الرأي فقالوا: إن العلة وهو الوصف الجامع بين الأصل
والفرع يجب أن تكون مؤثرة إن ظهر تأثيرها بنص أو إجماع، والشافعية اكتفوا بمجرد الإخالة
والملائمة العلية وإن لم يظهر تأثيرها شرعاً بل صححوا وإن لم تظهر المناسبة بين الوصف والحكم.
ومنها أن الشافعية يثبتون الحدود والكفارات بالرأي، والحنفية لا يصححون الرأي في الحدود
لاشتمالها على حديدات كذا في الأصل لا يعقل، انتهى.
توفي سنة تسع عشرة ومائة وألف، كما في مآثر الكرام.