تسعين ومائتين وألف، فدرس بها

ثلاثين سنة، وانتهت إليه الرئاسة العلمية بتلك البلدة.

لقيته بها، فوجدته كثير الاشتغال بالتدريس، حليماً متواضعاً، حسن الأخلاق، له تعليقات على شرح

كافية ابن الحاجب للجامي، وعلى حاشية غلام يحيى على الرسالة.

مات سنة أربع وعشرين وثلاثمائة وألف، كما في تذكرة النبلاء.

الشيخ محمد مظهر الدهلوي

الشيخ العالم الصالح محمد مظهر بن أحمد سعيد بن أبي سعيد العمري الحنفي الدهلوي المهاجر إلى

مدينة الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

ولد لثلاث خلون من جمادى الأولى سنة ثمان وأربعين ومائتين وألف بمدينة دهلي، ونشأ بها في مهد

العلم والمشيخة، وقرأ العلم على مولانا حبيب الله وعلى غيره من العلماء، ثم لازم أباه، وقرأ عليه

مكتوبات جده الإمام الرباني مرتين قراءة تدبر وإتقان، وأخذ عنه الطريقة، ثم سافر إلى الحرمين

الشريفين باذنه فحج وزار، ورجع إلى الهند وصحب والده، وهاجر معه إلى الحجاز سنة أربع

وسبعين ومائتين وألف، فسكن بالمدينة المنورة، وجلس على مسند أبيه بعد وفاة صنوه الكبير عبد

الرشيد، فحصل له القبول العظيم.

وكان من العلماء الربانيين جامعاً بين المعقول والمنقول، حاوياً للفروع والأصول، مطلعاً على دقائق

المعارف وحقائق الحكم، ترجم له الشيخ مراد ابن عبد الله القزاني في ذيل الرشخات ترجمة حسنة،

قال: وكان طريقته في تربية السالكين مثل طريقة آبائه من غير تبديل وتغيير بزيادة أو نقصان،

سالكاً فيه طريق الاقتصاد، شاخصاً بصره إلى سددوا وقاربوا وملاحظاً معنى بشروا ولا تنفروا وكان

يأمر كلا من الطالبين بما يناسبه من وظائف الأذكار، فمنهم من يأمره بالإكثار، ومنهم من يأمره

بالمجاهدة والرياضة والعزلة عن الأغيار، ومنهم من يفوض إلى يده زمام الاختيار، وكان اعتناؤه

بالعلماء وطلبة العلوم أكثر، والتفاته إليهم أوفر، وكان كثير الحث على طلب العلوم بما شاهد من فشو

الجهل وأنواع البدع في العالم، وكان لا يكلفهم بكثرة الأذكار على وجه يفضي إلى ترك التحصيل،

وبنى مدرسة عالية في المدينة المنورة بباب البقيع ثلاث طبقات مشتملة على جميع ما يحتاج إليه من

خزانة الكتب ومحل التدريس ومحل اجتماع الإخوان للذكر، انتهى، له المقامات السعيدية، رسالة

بالفارسية في حالات أبيه ومقاماته.

توفي لليلة الاثنين لاثنتي عشرة خلون من محرم سنة إحدى وثلاثمائة وألف، فدفن بالبقيع بجنب قبر

والده.

مولانا محمد مظهر النانوتوي

الشيخ العالم المحدث محمد مظهر بن لطف علي بن محمد حسن الصديقي الحنفي النانوتوي أحد

العلماء المبرزين في الفقه والحديث.

ولد ونشأ بنانوته قرية من أعمال سهارنبور وسافر للعلم إلى دهلي فقرأ على مولانا مملوك العلي

النانوتوي وعلى الشيخ صدر الدين الدهلوي والشيخ رشيد الدين، وقرأ بعض كتب الحديث على

الشيخ الأجل الشيخ محمد إسحاق بن محمد أفضل الدهلوي، واشتغل بالتصحيح في مطبعة نولكشور

زماناً، وأخذ عنه الطلبة الفقه والأصول والكلام، وكان ممن قرأ عليه الإمام محمد قاسم النانوتوي، قرأ

عليه بعض الكتب الابتدائية ثم تصدر للتدريس وأفنى قواه في تدريس الكتاب والسنة، ونشر العلوم

والفنون بمدرسة مظاهر العلوم في بلدة سهارنبور في شوال سنة ثلاث وثمانين ومائتين وألف، وهذه

المدرسة المباركة أسسها مولانا سعادت علي السهارنبوري، وكان من رهط سيدنا الإمام الشهيد السيد

أحمد بن عرفان البريلوي.

وكان عالماً متبحراً متقناً للفنون، بايع الإمام رشيد أحمد بن هداية أحمد الكنكوهي، وأجازه، وكان

كثير القراءة للقرآن، دائم الذكر رطب اللسان باسم الذات، بعيداً عن التكلف، زاهداً متقشفاً، وقوراً، قد

ألقيت عليه المهابة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015