الحق الكابلي، وقرأ الصحاح الستة على المفتي عبد القيوم بن عبد الحي
البكري البرهانوي، وحصلت له الإجازة عن شيخنا القاضي حسين بن محسن الأنصاري اليماني، ثم
سار إلى دهلي وأخذ عن السيد نذير حسين الدهلوي المحدث، وحصلت له الإجازة منه، ثم سافر إلى
سهارنبور وتأدب على مولانا فيض الحسن السهارنبوري، وجمع العلم والعمل، والشعر والزهد
والفصاحة، والورع، وقيام الليل والعبادة، والسداد في الرواية، وقلة الكلام فيما لا يعنيه، وتلاوة
الكتاب العزيز، وكان في حفظه عن ظهر قلبه آية باهرة، قل أن يرتج في قراءته مع ما منحه الله
سبحانه من الصوت الحسن، إذا سمع المار في طريقه وقف، وكان لا يقلد أحداً في الفروع ويعمل
بالحديث، وله شعر رقيق، سهل التركيب منسجم الألفاظ، عذب النظم، ومن خصائصه أنه لم يبالغ في
مدح أحد ولا أطرى فيه، فإن اتفق له فكان بالدعاء والثناء الجميل لا يتجاوز عن الواقع، وكان له
منزلة جسيمة عند أمير بلدته نواب إبراهيم علي خان الطوكي.
ومن شعره ما كتب إلى القاضي زين العابدين اليماني معاتباً له:
مالي أراك نسيتني وتركتني من بعد حب خلته مستحكما
وعيادة مسنونة وزيارة منكم أخي تلطفا وترحما
أظننت أني قد برئت فصدكم وزعمت شيئاً لم يكن أن يزعما
يا صاح إن اشتد دائي بعدكم يوماً فبت توجعاً وتألما
وشربت يوماً مسهلاً لي ثالثاً قد كان أمر الله أمراً مبرما
وقعدت ضعفاً بعده ونقاهة قد صد أن أمشي وأن أتعلما
ما كان ضرك لو أتيت فزرتني وجلست عندي ساعة أتكلما
وله شاكراً إلى نواب إبراهيم علي خان:
أعطيتني علماً نفيساً نافعاً طوبى لمن يدعي بذلك عالما
علم يفرق بين حق ثابت والباطل الموضوع فرقاً ناعما
علم به علم الحديث وأهله في عصمة أكرم بذلك عاصما
لولاه ما امتاز الظلام من الضيا ولصار أصل الدين خر دعائما
أعطيت ما لا أستطيع ثناءه فحياك ربي كل خير دائما
بلغت كل مناك تتبع الهدى ترضي إلهك والرسول مداوما
لا زلت فينا سيداً ومسوداً زين الرئاسة والإمارة حاكما
ووقيت ريب الدهر تفرح دائماً وبقيت في حفظ المهيمن سالما
وحييت تعلو فوق كل عزيمة ووجدت تبني في الأنام مكارما
ودعاء خير للأمير خليلنا حق قعوداً بالدوام وقائما
قد نلت من هذا ومن آبائه نعماً وأرجو منه بعد مراهما
وله في الحث على العدل والإحسان:
بقيت بعز واقتدار وإمرة يصاحبها الإقبال والنصر دائما
بقيت بروح للأنام وراحة ولا زلت في نعماء ربك سالما
نراك تقوي الدين من بعد ضعفه فأصبح مخدوماً وأصبحت خادما
تقدم حكم الشرع ما اسطعت دائماً تعظمه قلباً وتكرم عالما