وبت أشكر صنع الدهر منبسطاً كما فرحت بمكتوب من الرشق
كتبت يا شمس بل والشمس دونكم وإن وضعتك فوق الرأس من شفق
آمنت أنك قطب الشعر بل قمر لكل علم ومحي الفضل من رمق
فلم بعثت بأبيات ومعجزة وجيش فهمي لكم منقاد بالخلق
أنا الممد لأن الاسم اسمكم فالفضل منكم ومن علياكم سبق
وما أتيت بهذا الشعر ممتدحاً بل جئت ممتثلاً بالطوع متسق
فكيف أمدح من جلت مدائحه عن البديع وعن شعري وعن لبقي
فأجابه الشيخ محمد المذكور:
فيروزج الحسن أم ذا فيلق الفلق أم بدر تم يحاكي طلعة الأفق
أم تلك شمس بدت في الناس ظاهرة فأشرقت ببهاها ظلمة الأفق
أتلك غانية أمست مداعبة فقد جلت بسناها حندس الغسق
السحر فعلتها والخمر ريقتها والبدر صيغ لها من فضة يقق
تلك العقيق يحاكي في تلونه برق إذا لاح لولا لؤلؤ العرق
رشيقة القد هيفاء القوام على صفحات وجنتها ضرب من الشفق
جاءت تبختر في حلي وفي حلل والليل معتكر والصب في أرق
وشافهتني فخلت الدر متسقاً فقلت وصلاً فأومت لي على الحدق
فعانقتني فخلت الروح قد رجعت وبت ألثم حق العاج من شبقي
بتنا ضجيعين في أنس وفي فرح وفي اجتماع بلا خوف ولا قلق
فبينما نحن في لهو وفي لعب والكوس مرصوصة كالعقد في العنق
جاءت كشمس الضحى في الظهر قائلة في طلعة الشمس ما يغني عن الفلق
فقلت حياً هلا بالوصل يا أملي روحي الفداء لمن وافت على فشق
وقلت من فرحي طوراً بمقدمها وتارة كونها جاءت على وفق
أهذه الدر أم عقد الجمان أم ال تبر المنظم يحلي الدر في النسق
أم البلابل في البانات ساجعة تشدو فهيجت الورقا على الورق
فالورق تسجع والأغصان راقصة والبدر ينفط بالإبريز والورق
في روضة رقصت باناتها طرباً واستمرت فرحاً بالوابل الغدق
وأفصحت بلسان الحال قائلة من عند بدر الدجى والنجم في الأفق
أعني به العالم النحرير حجتنا محمد طيب الأخلاق والخلق
من فاق جل الورى في علمه وزكا أصلاً وطاب فروعاً طيب العرق
هو ابن صالح من طابت عناصره بالفضل والعلم والآداب واللبق
كتبت يا بدر بل والبدر دونكم وإن رفعتك فوق الرأس من شفق
يا بدر دين الهدى رفقاً على دنف أمس طريح الهوى ما فيه من رمق