الجراحة بيده وتناول منهم الخبر
والسمك فأكلها، وعالجه الحواريون بمرهم الرسل أو مرهم عيسى الذي ذكره الشيخ في القانون
والأطباء في أقراباذيناتهم، ثم سافر إلى البلاد ومنع أنصاره بكشف أخباره، فقدم نصيبين ثم أفغانستان
وسكن بجبل نعمان مدة، ثم دخل الهند وقدم بنجاب ودار بلاد الهند، ثم رجع إلى بنجاب وسار إلى
كشمير واعتزل على جبل سليمان، ثم صرف شطراً من عمره في سري نكر ومات بها ودفن قريباً
من محلة خان يار وله خمس وعشرون سنة، وفي سنة ثمان وثلاثمائة وألف ادعى أنه مثيل المسيح
وقال: لقد أرسلت كما أرسل الرجل المسيح بعد كليم الله موسى الذي رفعت روحه بعد تعذيب وإيذاء
شديد في عهد هيروديس إلى آخر ما جاء في كتاب فتح الإسلام، وصرح بذلك بأساليب مختلفة في
كتبه فتح الإسلام وتوضيح مرام وإزالة أوهام، وطبق على نفسه الأحاديث التي وردت في نزول
المسيح عليه السلام والتفاصيل التي جاءت فيها في تطرف وتقعر، وأبعد النجعة في تأويلها، ففسر
كلمة دمشق التي جاءت في الأحاديث بأنها قرية يسنها رجال طبيعتهم يزيدية وأنها قاديان، وقال: إن
قرية قاديان مشابهة بدمشق، وأما الرداءان الأصفران اللذان ينزل فيهما المسيح فالمراد منهما علتان:
أولاهما في أعلى الجسم وهو دوار الرأس، وأخراهما في أسفل الجسم وهي كثرة البول، وأما المنارة
الشرقية المذكورة في الأحاديث فقد تخلص منها ببناء منارة في شرقي قاديان، وطلب لها الإعانات من
أصحابه، وبدأها في حياته، ونمت بعد وفاته، وجال وصال في هذا الموضوع، وفي سنة ثمان عشرة
وثلاثمائة وألف أعلن النبوة بصراحة، وبدأ يؤلف لذلك الرسائل ووعد بأنها ستبلغ أربعين، ولذلك
سماها الأربعين، ثم اقتصر على الأربعة تأسياً بالله تعالى في إبدال خمسين صلاة بخمس، وألف
رسالة سنة عشرين وثلاثمائة وألف، أسماها تحفة الندوة قدمها إلى حفلة ندوة العلماء المنعقدة في
أمرتسر، قال فيها:
فكما ذكرت مراراً أن هذا الكلام الذي أتلوه هو كلام الله بطريق القطع واليقين كالقرآن والتوراة،
وأنا نبي ظلي وبروزي من أنبياء الله، وتجب على كل مسلم إطاعتي في الأمور الدينية، ويجب على
كل مسلم أن يؤمن بأني المسيح الموعود، وكل من بلغته دعوتي فلم يحكمني ولم يؤمن بأني المسيح
الموعود ولم يؤمن بأن الوحي الذي نزل علي من الله هو مسؤل ومحاسب في السماء وإن كان مسلماً،
لأنه قد رفض الأمر الذي وجب عليه قبوله في وقته، إنني لا أقتصر على قولي أن لو كنت كاذباً
لهلكت، بل أضيف إلى ذلك أنني صادق كموسى وعيسى وداؤد ومحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد أنزل
الله لتصديقي آيات سماوية تربى على عشرة آلاف، وقد شهد لي القرآن، وشهد لي الرسول، وقد عين
الأنبياء زمان بعثتي، وذلك هو عصرنا هذا، والقرآن يعين عصري، وقد شهدت لي السماء والأرض،
وما من نبي إلا وقد شهد لي.
وادعى فيما بعد أنه نبي مستقل، صاحب أمر ونهي، وكفر من لا يؤمن بنبوته، وأغلظ القول فيهم،
وقال بالتناسخ والحلول، وادعى التفوق على كثير من الأنبياء، وشذ وأغرب في الأقوال والعقائد،
وانتصر للحكومة الإنجليزية، وأيدها بكل جهده، وألف في هذا الموضوع عدداً كبيراً من الكتب
والرسائل، وادعى أنه نشر خمسين ألف كتاب ورسالة وإعلان في الهند وفي البلاد الإسلامية في هذا
الموضوع، وأفتى بنسخ الجهاد وتحريمه، وأعلن أن الإنجليز هم أولو الأمر الذين تفترض طاعتهم
على المسلمين، وقال في آخر كتابه شهادة القرآن:
إن عقيدتي التي أكررها أن للاسلام جزءين: الجزء الأول إطاعة الله، والجزء الثاني إطاعة الحكومة
التي بسطت الأمن وآوتنا في ظلها من الظالمين، وهي الحكومة البريطانية.
وصرح في رسالة قدمها إلى نائب حاكم المقاطعة الإنجليزي في غرة ذي القعدة سنة خمس عشرة
وثلاثمائة وألف بأنه من الأسرة التي هي من غرس الإنجليز ومن صنائعهم.
وفي سنة خمس وثلاثمائة وألف أخبر أن الله أمره أن يخطب فتاة إسمها محمدي بيكم وقال: إن
زوجها