أبوها بشاب آخر مات هذا الشاب خلال عامين ونصف وأبوها خلال ثلاث سنوات، وقال:

إنه وحي نازل عليه، وقال: إن الله سيحقق وعده ويمنحها له بكراً كانت أو ثيباً، ويزيل العراقيل

وينجز هذا العمل، ولا راد لما قضى الله، وقال مرة أخرى.

وقد ألهمني الله: ويسئلونك أحق هو قل إي وربي إنه لحق وما أنتم بمعجزين، زوجناكها لا مبدل

لكلماتي، وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مسترم، انتهى بلفظه.

وقال: والقدر قدر مبرم من عند الرب العظيم.... وقال: وإني أجعل هذا النبأ معياراً لصدقي وكذبي،

وما قلت إلا بعد ما أنبئت من ربي إلى غير ذلك من التحديات والتصريحات، ولكن أهل الفتاة

رفضوا طلبه وزوجوها شاباً من أهل قرابتهم، ولم ييئس المرزا من تحقيق هذه النبوة فقال حلفاً في

المحكمة: إنها ستدخل يوماً من الأيام في زواجه، وإنه من أخبار الله ولا مبدل لكلمات الله، ولكنه

فارق الدنيا ولم تدخل في زواجه، وعاش زوجها سلطان محمد زمناً طويلاً بعده.

وقد تحدى عام ست وعشرين وثلاثمائة وألف الشيخ ثناء الله الأمرتسري بأن الكاذب المفتري من

الرجلين سيموت، ودعا الله تعالى أن يقبض المبطل في حياة صاحبه، ويسلط عليه داء مثل الهيضة

والطاعون يكون فيه حتفه، وفي ربيع الآخر سنة ست وعشرين وثلاثمائة وألف أصيب بالهيضة

الوبائية وهو في لاهور ومات لليلة بقيت من ربيع الآخر سنة ست وعشرين وثلاثمائة وألف، ونقلت

جثته إلى قاديان حيث دفن في المقبرة التي سماها بمقبرة الجنة بهشتي مقبره.

كان مرزا غلام أحمد تغلب عليه في بداية أمره الغرارة وقلة الفطنة والاستغراق، وكان لا يحسن ملأ

الساعة، وكان يعد الأرقام عداً، وقد لا يميز الأيمن من الحذاءين من الأيسر، حتى اضطر إلى وضع

العلامة عليها بالحبر، وقد أصيب في شبابه بالنوبات العصبية العنيفة، ونقل عنه الاشتغال بالعبادات

والمجاهدات، ومواصلة الصيام شهوراً، وقد بدأ حياته في تقشف وزهادة، فلما تبوأ الزعامة الدينية

اتسع له العيش، وأقبلت عليه الدنيا، وأغدقت عليه الأموال، وأصبح يعيش هو وأهله في نعيم وبذخ،

وتصرف في الأموال تصرفاً مطلقاً، وتوسع في المطاعم والمشارب والأبنية، وكان سليطاً طويل

اللسان، هجاءاً مقذعاً للمخالفين، والعلماء المعاصرين، لعاناً بذي القول، كثير التهكم والاستهزاء.

وكان مربوع القامة بديناً، أحمر اللون كث اللحية، وكان سريع الكتابة سيال القلم، يبلغ عدد مؤلفاته

أربعة وثمانين كتاباً، منها ما يحتوي على أكثر من ألف صفحة، أكبرها وأشهرها براهين أحمديه، وقد

بلغ الكتاب إلى ثلاثمائة ملزمة، كلها تحتوي على ست عشرة صفحة، والأربعين وسرمة جشم آريه

وفتح إسلام وإزالة أوهام وتوضيح مرام، وآئينة كمالات إسلام وتبليغ رسالت والدر الثمين وغير

ذلك.

الحكيم غلام جيلاني اللاهوري

الشيخ الفاضل غلام جيلاني بن سلطان محمود الأنصاري اللاهوري، أحد الأطباء الماهرين في

الصناعة الطبية، ولد سنة تسعين ومائتين وألف، واشتغل أياماً بالعربية، وأخذ الصناعة الطبية، ثم

تعلم اللغة الإنكليزية، ودخل في كلية الطب الحديث مديكل كالج ببلدة لاهور، وأخذ الصناعة الطبية

الحديثة في بضع سنين، ثم ولي الطبابة في السفارة الإنكليزية بكرمان، فسار إليها وأقام بها مدة، ثم

نقل إلى قائنات من بلاد الفرس واستقل بها زماناً، ثم نقل إلى سيستان فأقام بتلك النواحي نحو ثمان

سنين، ولقبته الدولة الإنكليزية خانصاحب، ودولة إيران شمس الأطباء ومنحته نيشان شير خورشيد،

ثم دعته الدواعي المنزلية إلى رجوعه بأرض الهند، فرجع إلى لاهور سنة أربع وعشرين وثلاثمائة

وألف، وترك الخدمة واشتغل بالتصنيف والتأليف.

له كتاب مبسوط مفيد في مفردات الأدوية ومركباتها، صنفه بتحقيق وتدقيق، وله كتاب في تاريخ

الطب والأطباء، وله كتاب في لغات الأدوية.

مات لتسع خلون من شعبان سنة أربع وأربعين وثلاثمائة وألف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015