وكان مع ذلك معجباً برأيه، لا ينقاد لأحد ولو كان برهانه مقنعاً، وفيه شيء من التلون، ومن عادته
أنه كلما يحدث في مسألة، يكثر في التعبير وإذا أنشد شعراً أتبعه بالشرح والترجمة، كان مخاطبه
أعجمي وهو عربي، أو مخاطبه جاهل لا يعرف اللغة العربية والفارسية وهو عارف باللغات
المتنوعة والمعاني الدقيقة يريد إفهامه، وكذلك كانت عادته أنه ربما يأخذ رأياً في أمر من الأمور من
رجل، ثم يعرض على الناس وينسبه إلى نفسه، وربما يعرضه على ذلك الرجل بعارضة وبلاغة،
ويمهد له المقدمات كأنه خصيمه في ذلك الأمر.
وكان معتزلياً في الأصول، شديد النكير على الأشاعرة، وله كتب ورسائل في ذلك، ككتابه في فن
الكلام، وكتابه في تاريخ الكلام، ومقالاته في رسائل شبلي ومقالات شبلي ومن مصنفاته غير ما
ذكرناها كتاب في سيرة الغزالي، وكتاب في سيرة العارف الرومي وفي نقد شعره والحكم عليه، وله
كتاب بسيط في سيرة سيدنا عمر الفاروق رضي الله عنه، وهو كتاب قوي ممتاز مؤثر، وله كتاب
في الموازنة بين الشاعرين الهنديين المعروفين من فرسان المراثي أنيس ودبير وله إزالة اللوم في
ذكر أعيان القوم وله شعر العجم في خمسة مجلدات وهو من أفضل مؤلفاته، أقر له علماء هذا الشأن
بالفضل والجودة وله كتاب في الانتقاد على مقالات جرجي زيدان بالعربي في التمدن الاسلامي، وله
مقالة في مكتبة الإسكندرية وله ديوان الشعر الفارسي، ومن مصنفاته المجلد الأول من السيرة النبوية،
وكان يريد أن يصنفه في خمسة مجلدات فلم يتم الأمر له، وقام بتدوينه بعض تلامذة دار العلوم على
رأسهم وفي مقدمتهم السيد سليمان الندوي فأسسوا له مؤسسة عظيمة بأعظمكده وسموها دار
المصنفين.
مات بالإسهال الدموي ضحوة يوم الأربعاء لليلة بقيت من ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة
وألف، ببلدة أعظمكده.
مولانا شبلي بن سخاوة علي الجونبوري
الشيخ العالم الصالح الشبلي بن سخاوة علي العمري الجونبوري، كان ثالث أبناء والده، ولد في
عاشر شعبان سنة ثلاث وستين ومائتين وألف ببلدة جونبور، ونشأ في مهد جده لأمه القاضي ضياء
الله الجونبوري، وحفظ القرآن وقرأ العلم على المفتي يوسف بن أصغر الأنصاري اللكهنوي وعلى
غيره من العلماء، ثم سافر إلى دهلي، وأخذ الحديث عن السيد المحدث نذير حسين الدهلوي ثم رجع
وأخذ الطريقة عن السيد خواجه أحمد النصير آبادي ولازمه مدة من الدهر، وسافر إلى الحرمين
الشريفين سنة ست وثمانين ومائتين وألف.
وكان غاية في الذكاء والفطنة، حاد الذهن دقيق النظر في المسائل الحكمية، ويجمع إلى ذلك كله
آداب الأخلاق من حسن المعاشرة ولين الكنف، له رسالة في النحو.
مات لتسع بقين من رمضان سنة ثمان عشرة وثلاثمائة وألف بقرية مندياهو من أعمال جونبور.
المولوي شبلي بن عناية الله البمهوري
الشيخ الفاضل شبلي بن عناية الله البمهوري أحد الأفاضل المشار إليه في الذكاء والفطنة، قرأ العلم
في دار العلوم على مولانا حفيظ الله والشيخ شبلي الجيراجبوري، والسيد علي الزينبي وغيرهم، وقرأ
على ديوان المتنبي وغيره، وجد في البحث والاشتغال، حتى برع وفاق أقرانه، وولي التدريس بدار
العلوم فدرس بها زماناً، ثم ولي التدريس بمدرسة الإصلاح في سراي مير من أعمال أعظمكده،
يدرس ويفيد، وعسى أن يكون من كبار العلماء.
توفي في شهر محرم سنة أربع وتسعين وثلاثمائة وألف.
المولوي شبلي بن محمد علي الجيراجبوري
الشيخ الفاضل شبلي بن محمد علي الحنفي الجيراجبوري أحد العلماء الصالحين، اشتغل بالعلم أياماً
في بلدته، ثم سافر إلى رامبور، وقرأ على أساتذة المدرسة العالية، منهم الشيخ الفاضل حفيظ الله
البندوي، قرأ عليه ولازمه مدة، ثم ولي التدريس بدار