مات في ذي القعدة سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة وألف.
حرف الشين
المفتي شاه دين اللدهيانوي
الشيخ العالم الفقيه المفتي شاه دين بن محكم الدين الحنفي اللدهيانوي أحد كبار الفقهاء، ولد بقرية
جك مغلاني من أعمال جالندهر وقرأ المختصرات في بلاده، ثم دخل سهارنبور وقرأ بعض الكتب
الدرسية على مولانا محمد مظهر بن لطف علي النانوتوي وعلى غيره من العلماء بمدرسة مظاهر
العلوم، ثم دخل علي كزه ولازم المفتي لطف الله بن أسد الله الحنفي الكوئلي وأخذ عنه، ثم ولي
التدريس والإفتاء ببلدة لدهيانه فسكن بها.
العلامة شبلي بن حبيب الله البندولي
المعروف بمولانا شبلي النعماني
الشيخ الفاضل العلامة شبلي بن حبيب الله البندولي فريد هذا الزمان المتفق على جلالته في العلم
والشأن.
ولد سنة أربع وسبعين ومائتين وألف بقرية بندول من أعمال أعظمكده وقرأ أياماً في العربية على
مولانا فاروق بن علي العباسي الجرياكوبي، ثم أقبل إلى المنطق والحكمة وأخذ عنه وبرز فيه
ولازمه مدة طويلة، ثم سافر إلى رامبور وأخذ الفقه والأصول عن الشيخ إرشاد حسين العمري
الرامبوري، ثم ذهب إلى لاهور وأخذ الفنون الأدبية عن الشيخ فيض الحسن السهارنبوري شارح
الحماسة، ثم دخل سهارنبور وقرأ الحديث على الشيخ أحمد علي بن لطف الله الماتريدي السهانبوري،
حتى فاق أقرانه في الإنشاء والشعر والأدب والتاريخ وكثير من العلوم والفنون، وكان متصلباً في
المذهب في ذلك الزمان، صرف برهة من الدهر في المباحثة بأهل الحديث، وصنف إسكات المعتدي
رسالة في قراءة الفاتحة خلف الإمام.
ثم ولي التدريس بمدرسة العلوم في عليكده، فصحب الأساتذة الغربيين وأدار معهم كؤوس المذاكرة،
وصحب السيد أحمد بن المتقي الدهلوي وحزبه، حصل له نفور كلي عن المباحثة، ومال إلى التاريخ
والسير فصنف كتاباً في سيرة المأمون العباسي وسيرة النعمان في سيرة الإمام أبي حنيفة وكتابه
الجزية وحقوق الذميين وكتاباً في تاريخ العلوم الاسلامية وتعليماتهم وكلها تلقيت بالقبول، وحصلت له
شهرة عظيمة في بلاد الهند، وسافر إلى بلاد الروم والشام ومصر ولقي رجال العلم والدولة، وأعطاه
السلطان عبد الحميد العثماني النيشان من الطبقة الرابعة، ولما رجع إلى الهند لقبته الدولة الإنكليزية
شمس العلماء فأقام بعد ذلك زماناً يسيراً بمدرسة العلوم، ثم اعتزل وراح إلى حيدر آباد فرحب به
السيد علي البلكرامي وأكرم مثواه وولاه نظارة العلوم والفنون فأقام بها خمس سنين، ثم ترك الخدمة
وقنع بمائة ربية شهرية بدون شرط الإقامة بحيدر آباد، فقدم لكهنؤ.
وأقبل إلى ندوة العلماء وكان عضواً من أعضائها البارزين، فوله على دار العلوم التي أسسها
أعضاء الندوة سنة سبع عشرة وثلاثمائة وألف فاشتغل بالنظارة مدة ثمانية أعوام، وقد فدعت رجله
اليسرى من ضرب البندقية انطلقت من يده خطأ في بيته بأعظمكده سنة أربع وعشرين وثلاثمائة
وألف، فقطعها الجراح الانكليزي من الساق، ثم صنعت له رجل من أدم وخشب، فكان يدخل فيه
رجله المقطوعة ويربطها بالرباطات المحكمة ثم يمشي كالأصحاء.
كان قوي الحفظ، سريع الملاحظة، يكاد يكشف حجب الضمائر، ويهتك أسرار السرائر، دقيق النظر
قوي الحجة، ذا نفوذ عجيب على جلسائه فلا يباحثه أحد في موضوع إلا شعر بانقياد إلى برهانه،
وربما لا يكون البرهان مقنعاً، وكان واسع الاطلاع في تاريخ الاسلام والتمدن الاسلامي، كثير
المحفوظ بالأدب والشعر، كثير المطالعة لم يفته كتاب كتب في آداب الأمم وفلسفة أخلاقهم إلا طالعه،
ولم يكن له نظير في سرعة الجواب، والمجىء بالنادرة الغريبة على جهة البديهة، وسرد الأبيات
الفارسية والأردوية على محالها، وله عناية كاملة بالعلم، ورغبة ونشاط وإقبال على المذاكرة
والتصنيف وإلقاء الخطب.