عرض الشيخ رحمة الله ونفسه، فخرج من
الهند وسافر إلى مكة المباركة وأقام بمحلة الخندريسة، وصنف بها إظهار الحق بأمر السيد أحمد بن
زيني دحلان الشافعي المكي سنة ثمانين ومائتين وألف، شرع في تصنيفه لست عشرة خلون من
رجب، وفرغ منه في آخر ذي الحجة.
وقد أثنى على الكتاب وعلو مكانته كبار العلماء في الشرق العربي لميزات يمتاز بها هذا الكتاب
وكان الاقبال على هذا الكتاب كبيراً والعناية به عظيمة ونقل إلى اللغة التركية وقامت الحكومة
العثمانية بترجمة الكتاب في عدة لغات أوروبية، وفزعت له الأوساط النصرانية الأوربية، وجاء في
تعليق كبرى صحف انجلترا على هذا الكتاب.
لو دام الناس يقرءون هذا الكتاب لوقف تقدم المسيحية في العالم.
وألقى الرحل في مكة، وأسس المدرسة الصولتية في رمضان سنة تسعين ومائتين وألف، وبارك الله
فيها، ونفع بها خلقاً كثيراً، وتخرج فيها عدد كبر من العلماء والقضاة.
وله مصنفات أخرى بعضه بالفارسية وبعضها بالأردو، أشهرها إزالة الأوهام وإزالة الشكوك
وإعجاز عيسوي وأصح الأحاديث في إبطال التثليث وقد استدعاه السلطان عبد الحميد العثماني إلى
قسطنطينية وكلفه الإقامة لديه فلم يجبه، ورجع إلى مكة المباركة، وكان ذلك ثلاث مرات، الأولى سنة
ثمانين ومائتين وألف، والثانية سنة إحدى وثلاثمائة وألف، والثالثة سنة أربع وثلاثمائة وألف، وكانت
الأخيرة لعلاج نزول الماء والعملية الجراحية في العين، فأقام مدة عمره بمكة مفيداً مدرساً.
توفي لسبع بقين من رمضان سنة ثمان وثلاثمائة وألف، فدفن بالمعلاة.
مولانا رحمة الله اللكهنوي
الشيخ العالم الفقيه رحمة الله بن نور الله بن محمد ولي بن غلام مصطفى ابن محمد أسعد بن قطب
الدين السهالوي اللكهنوي أحد العلماء المشهورين، ولد ونشأ بلكهنؤ في فرنكي محل، ولازم أخاه
المفتي نعمة الله بن نور الله من صغر سنه، وقرأ عليه العلوم المتعارفة ثم رحل إلى غازيبور، وأسس
بها مدرسة بمساعدة أملها، وأدخل فيها اللغة الإنكليزية، فساعدته الحكومة، وكان رجلاً حازماً، شهماً
كريماً متواضعاً، يدرس ويفيد، لقيته بلكهنؤ عند قدومه لتعزية الشيخ عبد الحي بن عبد الحليم
الأنصاري اللكهنوي.
له شرح على ميزان الصرف، وعلى المنشعب، وعلى بنج كنج، وشرح على خلاصة الحساب
للعاملي، ورسالة في الفقه، ومجموع لفتاواه.
مات لسبع عشرة خلون من جمادى الأولى سنة خمس وثلاثمائة وألف ببلدة غازيبور.
الشيخ العلامة رشيد أحمد الكنكوهي
الشيخ الإمام العلامة المحدث رشيد أحمد بن هداية أحمد بن بير بخش ابن غلام حسن بن غلام علي
بن علي أكبر بن القاضي محمد أسلم الأنصاري الحنفي الرامبوري ثم الكنكوهي أحد العلماء المحققين
والفضلاء المدققين، لم يكن مثله في زمانه في الصدق والعفاف، والتوكل والتفقه، والشهامة، والإقدام
في المخاطر، والصلابة في الدين، والشدة في المذهب.
ولد لست خلون من ذي القعدة سنة أربع وأربعين ومائتين وألف، ببلدة كنكوه في بيت جده لأمه،
ونشأ بين خؤولته، وكان أصله من رامبور قرية جامعة من أعمال سهارنبور، وقرأ الرسائل الفارسية
على حاله محمد تقي، والمختصرات في النحو والصرف على المولوي محمد بخش الرامبوري، ثم
سافر إلى دهلي، وقرأ شيئاً من العربية على القاضي أحمد الدين الجهلمي، ثم لازم الشيخ مملوك
العلي النانوتوي وقرأ عليه أكثر الكتب الدرسية، وبعضها على المفتي صدر الدين الدهلوي، وقرأ
كتب الحديث والتفسير