ركعات، وفيه رد على المولوي محمد فصيح

الغازيبوري، وإمداد الغوي عن الصراط السوي في جواب توضيح السنن الهدى للمولوي عبد

الرحمن الصدر الأمين فيما رد على إمداد السنة ونور الهدى، رسالة ثالثة له في التراويح.

الشيخ إمداد الله الفاروقي التهانوي

الشيخ العارف الكبير الأجل إمداد الله بن محمد أمين العمري التهانوي المهاجر إلى مكة المباركة كان

من الأولياء السالكين العارفين، اتفقت الألسن على الثناء عليه والتعظيم له.

ولد يوم الإثنين لثمان بقين من صفر سنة ثلاث وثلاثين ومائتين بعد الألف بنانوته قرية من أعمال

سهارنبور، وقرأ الرسائل الفارسية على الوجه المرسوم، وقرأ الحصن الحصين على مولانا قلندر

بخش الجلال آبادي، وقرأ المثنوي المعنوي عليه أيضاً، وهو ممن قرأ على المفتي إلهي بخش

الكاندهلوي، ثم سافر إلى دهلي ولازم الشيخ نصير الدين الشافعي المجاهد وأخذ عنه الطريقة، وبعد

شهادته رجع إلى تهانه بهون فأقام بها زماناً، ثم دخل لوهاري ولازم الشيخ نور محمد الجهنجهانوي

وأخذ عنه الطريقة، وفتح الله سبحانه عليه أبواب المعرفة وجعله من العلماء الراسخين في العلم،

فتصدر للارشاد والتلقين بأمر شيخه.

وثار المسلمون وأهل البلاد على الحكومة الإنجليزية سنة أربع وسبعين ومائتين وألف، وقامت

جماعة من العلماء والصلحاء وأهل الغيرة من المسلمين في سهارنبور ومظفر نكر فأعلنوا الحرب

على الإنكليز واختاروا الشيخ إمداد الله أميراً لهم، واشتبك الفريقان في ميدان شاملي قرية من أعمال

مظفر نكر فقتل حافظ محمد ضامن شهيداً، وانقلبت الدائرة على المسلمين ورسخت أقدام الإنكليز،

واشتد بطشهم بكل من اتهم بالمشاركة في هذه الثورة، وضاقت على العلماء العاملين الغيارى

الأرض، وضاق مجال العمل في الهند، وقضى بعض الرفقة مدة في الاختفاء والانزواء، ولجأ بعضهم

إلى الهجرة ومغادرة البلاد، وآثر الشيخ إمداد الله الهجرة إلى مكة المكرمة، ودخل مكة سنة ست

وسبعين ومائتين وألف وألقى رحله بالبلد الأمين، وكان أول إقامته على الصفا ثم انتقل إلى حارة

الباب حيث قضى حياته ولقي ربه، وعاش أياماً طويلة في عسر شديد وفقر وفاقة، شأن الأولياء

المتقدمين، وهو صابر محتسب، راض بما قسم الله له من الحال، حتى جاء الله بالفرج، وأبدل العسر

باليسر، وجاءته الدنيا راغمة، واشتغل بالمجاهدات والعبادات متوجهاً إلى الله بقلبه وقالبه، دائم الذكر

والمراقبة، فائض القلب والباطن بالعلوم والأنوار مع هضم للنفس واطراح على عتبة العبودية،

وتواضع للعباد، وعلو همة وشهامة نفس، وإجلال للعلم والعلماء، وتعظيم للشريعة والسنة السنية،

حتى غرس الله حبه في قلوب عباده، وعطف قلوب العلماء الكبار والمشايخ الأجلاء إلى الرجوع إليه

والاستفادة منه، وأمه طلاب المعرفة واليقين من بلاد بعيدة، وبارك الله في تربيته وطريقته، فانتشرت

أنوارهما في الآفاق، وجدد به الطريقة الجشتية الصابرية، وانتمى إليها ودخل في سلكها كبار العلماء

والفضلاء ونفع الله به خلائق لا يحصون، أجلهم الشيخ قاسم والشيخ رشيد أحمد ومولانا يعقوب

والمولوي أحمد حسن والمولوي محمد حسين والمولوي أشرف علي، وكلهم صاروا شيوخاً، وانتفع

بهم خلق كثير.

وكان الشيخ إمداد الله مربوع القامة يميل إلى الطول، نحيف الجسم، أسمر اللون، كبير الهامة، واسع

الجبين، أزج الحاجبين واسع العينين، حلو المنطق ودوداً بشوشاً، قليل المنام، مقلاً من الطعام، قد

أضناه الحب الإلهي، وأنحفته المجاهدات والرياضات، رحب الأناة، واسع القلب، جامعاً للأشتات،

يلتقي على حبه والاستفادة منه المختلفون في الأذواق والمشارب، متسامحاً مع الناس، متوسعاً في

المسائل الجزئية والمذاهب الخلافية لا يتعصب فيها ولا يتشدد، مولعاً بالمثنوي المعنوي دائم الاشتغال

به تأملاً وتدريساً وتذوقاً وتلقيناً، ينصح أصحابه بقراءته والتأمل فيه، له مصنفات لطيفة كلا في

الحب الإلهي والمعرفة والتصوف، منها ضياء القلوب بالفارسية،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015