فأمره بالذهاب إلى ميضاة (?) الجامع الأزهر وقال له: أمكث بها ليلا وارتقب ساعة انقطاع النّاس فإذا لم تجد إلاّ رجلا واحدا فهو صاحب الوقت فاستشره وافعل ما يأمرك به، ففعل، فلمّا رأى صاحب الوقت إستشاره، فقال له: يا علي يا نوري (?):
إذهب نوّر المغرب فمن ذلك الوقت / إشتهر لقبه بالنّوري، فامتثل ما أمره به ورجع إلى المغرب بعد ما أخذ إجازات المشايخ المتقدّمين، وانتظم في سلكهم فقدم على صفاقس بما معه من علوم الدّين، فعلّم المسلمين بنصح، وبذل جهده ومهجته (?).
ولمّا قدم وجد النّاس يشكون جور أهل مالطة - دمّرها الله وأخلى منهم الأرض - فتشاور مع أهل الفضل في إنشاء سفن للجهاد، فوافقه أكثر النّاس على ذلك فأنشؤوا سفنا جعل الله فيها بركة وانقطع بها جور الكفرة، وغنم المسلمون منهم خيرا كثيرا، وجعل مقدّما على السفن يأتمرون بأمره، ويصلّي بهم إماما الشّيخ الصّالح إبن أخته الحاج الأبر أبا عبد الله محمد قوبعة معلّم أطفال المسلمين، وكان مقدّما على ضريح الشّيخ سيدي منصور الغلام - نفعنا الله به -.
ولمّا كان كلّ ذي نعمة محسودا حسد أهل الشّرّ الشّيخ النّوري وسعوا به إلى سلطان الوقت بتونس وخوّفوه أن يكون سببا في تغيير الدّول لما رأى من إقبال الخلق عليه وامتثالهم أمره كما وقع في أيّام ابن تومرت وأمثاله - حسبما مرّ مفصّلا - فأرسل السّلطان جماعة من رجاله لأخذ الشّيخ وأتباعه ونهب أموالهم، فأرسل بعض أهل الفضل كتابا للشّيخ يحذّره قبل وصول رجال السّلطان، فلبس حرام إمرأة ونعلها وخرج [مع نسوان الشّيخ أبي عبد الله السيالة] (?) مستخفيا مهاجرا بدينه، وقال: (?) {لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (?) فذهب في خفاء [مع خديمه إبن الأكحل إلى أن وصل] (?) لزاوية الشّيخ سيدي أبي حجبة (?) بين تونس وزغوان، ولمّا دخل رجال