ومن علماء صفاقس (?) وشعرائها المتقدّمين ولم يذكره إبن رشيق / في الأنموذج وهو من المعاصرين له أبو عمرو عثمان بن أبي بكر بن حمّود الصّدفي المعروف بابن الضّابط، الإمام المحدّث الشّاعر، له رحلة إلى المشرق وأخذ فيها عن جماعة يطول تعدادهم، منهم الحافظ أبو نعيم، صحبه باصبهان، وكتب عنه كثيرا، ذكر أنّه كتب عنه بخطّه مائة ألف حديث، وكان يقول: لم ألق مثل أبي نعيم علما وعملا، ثمّ توجّه إلى الأندلس سنة ستّ وثلاثين وأربعمائة (?) فأقرأ بها وأخذ عنه علماؤها وأثنوا عليه، وعاد منها إلى القيروان (?)، فوجّهه صاحبها الصنهاجي (?) رسولا إلى القسطنطينية (?) فمات في طريقه إما صادرا أو واردا بعد أربعين وأربعمائة (?)، وذكره أبو عمرو بن الحذّاء (?) في تسمية رجاله الذين التقى بهم، فقال: قدم علينا طليطلة وسنه نحوا من خمسين سنة، وكانت له رواية واسعة وكتب كثيرة قد رواها بالعراق وبالشّام والحجاز ومصر، وتجوّل عندنا بالأندلس نحو عامين، ثمّ انصرف إلى القيروان، وكان لي صديقا وتكررت كتبه إلى من القيروان إلى أن أرسله الصنهاجي إلى القسطنطينية فبلغتنا وفاته.
وذكره الحميدي (?) أيضا فقال: كان حافظا عاقلا، قرأت عليه كثيرا وكتبت عنه وأنشدني:
[المتقارب]
إذا ما عدوّك يوما سما ... إلى حاجة (?) لم تطق نقضها
فقبّل ولا تأنفنّ كفّه ... إذا أنت لم تستطع عضّها