ووجهه أبو الحسن القابسي لتفقيه أهل المهدية وامتد عمره بعد اقرانه فحاز رئاسة العلم والتّشيّخ (?) به بالقيروان، وكان فاضلا فقيها زكيّا له اعتقاد في الصّالحين يزورهم في السّاحل ويبحث عن مناقبهم وأحوالهم، وهو الذي ألّف مناقب (?) أبي إسحاق الجبنياني، وله كتاب في الفقه كبير جمع فيه بين النوادر لأبي محمّد (?) وموطّأ مالك وغيرهما، فجمع فيه مذهب مالك كله، وألّف اختصار المدوّنة (?)، توفّي بالقيروان سنة أربعين وأربعمائة (?) وسنه ثمانون سنة (?) وأنشد لنفسه بعد ما ذكر مناقب الشّيخ أبي إسحاق الجبنياني وأصحابه هذه الأبيات (?):
[البسيط]
أنت العليّ وأنت الخالق الباري ... أنت العليم بما تخفيه أسراري
أنت الغني فما للخلق مقدرة ... في وسع عيش وفي بؤس وإقتار
تعطى (?) الولاية أقواما فتلبسهم ... ثوب المهابة محروسا من العار
تجول في ملكوت العزّ أنفسهم ... تبدو مدامعهم خوفا من النّار
قد أسلموا الأهل والأوطان وارتحلوا ... ما أن ترى مثلهم في نازح الدّار
يا طول حزني على تركي لوصلهم ... يا ويح نفسي على بعدي وإدباري
لم لا أظلّ على الأشجان (?) معتكفا ... أدعو المليك بإفصاح وإضمار
على (?) المليك يذود النّفس عن عطب ... يجلو الغماء (?) بتوفيق وأنوار