فسمع وزراؤه بذلك، فأتوا حفاة مشاة يقولون: إنّا تحت (?) الهلاك ما ظنّك برجل مجاب الدعوة، منقطع عن الدّنيا وأهلها؟ فوجّه بردّ البريد، ثمّ أرسل شيخا من كتامة معه سبعة في زي نسّاك ليحبسوا اخوانه (?)، فنزلوا في زي زوّار عند الشّيخ عيشون بن يزيد، وكان من الفضلاء، القوّام الصوّام ويطعم الطعام. فاختفى الشّيخ الكتامي في المسجد خلف حصير كان في مؤخّره، فلمّا جاء الشّيخ أبو إسحاق أذّن بالمغرب وأقام وصلّى، فخرج الكتامي من وراء الحصير فقال للشّيخ: يا منافق على مولاي ألا تؤذّن حيّ على خير العمل ولا (?) تقرأ باسم الله الرّحمان الرّحيم، ولا تسلّم على النّاحيتين، ما لمولانا عدوّ مثلك، فدعا عليه وقال: اللهم اجعله آية للعالمين، فطارت عيناه، فما خرج إلاّ بقائد وهو يقول: الموت الموت مع هذا الشّيخ، لا تقربوه، فانصرف هو وأصحابه إلى معد فارتاع وقال لوزرائه: ألم تروا كيف بدر منه فينا بادر!

ووقف عليه رجل فقال للشّيخ: عندي دعاء إبراهيم - عليه السّلام - الذي دعا به حين ألقي في النّار، ودعاء يونس - عليه السّلام - حين التقمه الحوت، فقال له الشّيخ: إذا كنت تدعو بدعاء الأنبياء وتفعل فعل الفراعنة فمن تخادع؟

وكان رجل بالسّاحل يقال له نصير / صاحب خبر السّلطان، وكان مارقا معلنا، فمرّ بالشّيخ وهو يؤذّن، وهو راكب على فرس، فقال للشّيخ: يا منافق كم تضل النّاس وتصدّهم عن دعوة مولانا، فلمّا قضى الشّيخ أذانه قال له: أذلّك الله يا فاسق عاجلا على يدي من اعتززت به، فبعث السّلطان إليه بعد ثلاث في أمر نقم (?) عليه، فضرب خمسمائة سوط وصلب حيّا، (فكان بعد ذلك يقول: دواء مجرّب، من أحبّ أن يضرب خمسمائة [سوط] (?) ويصلب حيّا فليسبّ (?) الجبنياني) (?).

ومن أصحاب الشّيخ أبي إسحاق الشّيخ عيسى بن ثابت.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015