وإذا هدأت العيون في جوف الليل يقول:
[الوافر]
إلى كم أنت في بحر الخطايا ... تبارز من يراك ولا تراه
وسمتك سمت ذي ورع وزهد ... وفعلك فعل متّبع هواه
أيا من بات مرتكب المعاصي ... وعين الله شاهدة تراه
أتطمع أن تنال العفو ممن ... عصيت وأنت لم تبلغ رضاه
فتب قبل الممات وقبل يوم ... يلاقي العبد ما كسبت يداه
وكان بمرسى أنشلة شيخ يختلف إلى المنستير في كلّ عام، فإذا رجع مرّ بالجبنياني فيقول له: أخوك أبو الحسن الكانشى يقرئك السّلام، فيقول له أبو إسحاق: أنت في ثغر فأولى بك سدّ ثغرك، فلا تدعه وتمشي إلى المنستير، قال: فأتاه مرّة فقال له مثل ذلك، فقال له الرّجل: قد عرفت بما قلت لي أبا الحسن، فقال: قل لأبي إسحاق: انتهاني عن ذلك وأنت تعرف أنّ المنستير باب من أبواب الجنّة؟ فقال أبو إسحاق: قل له: يا أبا الحسن قد جاء في الخبر أن ما بين مصراعي باب الجنّة كما بين المشرق والمغرب (?)، فنحن إن شاء الله تعالى بين مصراعي الباب، ليس المنستير وحدها مخصوصة بذلك.
ومن خاصة إخوانه الذين يزورهم سيدي مروان، وهو الشّيخ الصّالح، كان يسكن بشريانة (?) إلى جانب سوق بدرنة، وكان مشتهرا بالعبادة فهلكت له إبنة، فصلّى عليها الشّيخ أبو إسحاق، فانصرف كلّ من بالسّوق إلى الصّلاة خلفه، وكان معه كبار الموضع وغيرهم (?) / ممّن على السّنّة (?)، فرفع الأمر إلى السلطان معد، واشتهرت عنده (?) المسألة، وقيل [له] (?) إنه مطاع (?)، فأمر بالبريد فخرجت لتأتي به،