الباب الثّالث
فيما وقع لأهل صفاقس من الجهاد في هذه الأعصار المتأخّرة
لمّا كثر جور أهل مالطة (?) - دمّرهم الله تعالى - إستشار أهل الفضل بعضهم بعضا كالشّيخ النّوري - رحمه الله تعالى - وأضرابه في شأن جهاد هؤلاء الكفرة، ورأوا أنّه لا يكون إلاّ بإنشاء سفن مخصوصة تناسب القتال، فوافق على ذلك جلّ النّاس ورأوه حسنا شرعا، وطبعا لما رغّب الله فيه، وحماية لأرزاق المسلمين وأنفسهم، وإنّما / قام بهذا الفرض أهل صفاقس لأنّ لهم تعلّقا كبيرا بسفر البحر (?)، فهم مضطرون للجهاد دنيا ودينا (?) ولا قدرة لهم على تركه، قال تعالى: {قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً} (?).
فلمّا إتفق أهل الفضل على إنشاء السّفن تعاونوا على الخير وبذلوا أموالهم إبتغاء رضوان (?) الله، فأنشؤوا عدّة سفن، فوفّق الله رأيهم (?)، فغنموا من الكفّار كثيرا، وقمع الله الكفّار.