ثمّ طالت الأيّام وتهشّمت تلك السّفن، ووقعت فتنة وشدّة، ومات أولئك النّاس، فرجع الكفّار لجورهم لأنّهم - لعنهم الله - ما زالوا على ما كانوا عليه من أذيّة المسلمين (منذ (?) خرجوا من رودس، فلمّا سكنت الفتنة وتراجع النّاس إنتبهوا - رحمهم الله - من أمر البحر فرأوا ما وقع من أذيّة الكفّار للمسلمين) (?) وعلموا أنّه لا يقمع شرّ هؤلاء الكفرة الفجرة إلاّ إنشاء غير تلك السّفن، فاتّفقوا على ذلك وأنشؤوا ثمان سفن، فأمن بهم البحر وانقطعت (?) أذيّة الكفّار.
وعادة أهل البلد في غزوهم أنّهم مهما سمعوا بخبر بعض سفن العدوّ (?) ضربوا طبلا على سور البلد فوق باب البحر (?) وأجرى الرّؤساء سفنهم، وتسارع أهل الخير للنّزول للبحر، وأخذوا ما تيسّر من الزّاد وآلة الحرب، وركبوا في السّفن، فيسيرون طالبين آثارهم من رأس المخبز قرب طرابلس إلى قرب رأس أدار (?) بتونس، فإن وجدوا عدوّا حاربوه، فإن قسم فيه النّصيب أخذوه، وإن فلت وفرّ تبعوه إلى بلاده أو إلى ما يقرب / منه، وإن لم يقسم النّصيب أو لم يجدوا عدوّا رجعوا لبلادهم سالمين مأجورين (?)، (فغلبت السّلامة في البحر من طرابلس لتونس) (?).
ثمّ إنّ الباشا (?) - رحمه الله تعالى - كان حربا على البناديق (?) من النّصارى ويسمّيهم النّاس بلنسيانا (?)، وبينهم وبين طرابلس صلح وهدنة (?)، فأمر الباشا