وليتها فتولتني الهموم وقد ... لقيت من سفري (?) في أرضها نصبا

قد عاين البحر قبحا (?) من جوانبها ... فكلّما همّ أن يدنو لها هربا (?)

قلت: من بلاغة الكلام مطابقته لمقتضى الحال، وكلّ شاعر يتكلم بمقتضى حاله، (فالأول كان صاحب بخت وسعد / فجاء في وقت سعيد ورأى ما يبسطه فنطق بمقتضى حاله) (?) (والثّاني كان منحوسا فنحست البلاد به فرأى ما يقبضه فنطق بمقتضى حاله) (?) والبلد على بخت أميره (?) فإن كان سعيدا سعد (?) به وإن كان نحيسا نحس (?) به وأمّا البلد (?) في حدّ ذاته فلا يقتضي سعدا ولا نحسا.

والرّوم والعرب لا تختصّ أذيّتهما (?) بصفاقس، فإن أمّ إفريقية وبلاد أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم هي مدينة القيروان بلا دفاع ولا نزاع، وقد أصابها من العرب وغيرهم ما يبكي الدّم بعد الدّمع - حسبما مرّ مفصّلا -، وهذه تونس كرسي إفريقية وقد أصابها من الأعراب والميورقي (?) والرّوم ما يذهل العقول - حسبما مرّ - وكلّ ذلك لا يوجب قدحا في القيروان وتونس، ولكن ما زالت الأخيار تمتليء بالأشرار من لدن آدم - عليه السّلام - وقد قال جلّ قائلا {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ} الآية (?)، هذا إن صدق الشّاعر في شعره ونطق بمقتضى حاله، وإلاّ فكثير منهم يذمّ من لا يستحقّ ذمّا من كثرة هيمانهم فيتردّدون بين طرفي الإفراط والتّفريط في المدح والهجاء كما قال جلّ ثناؤه {أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ} (?) الآية، على أنّا لو عملنا بقول كلّ شاعر وتمسّكنا به وطعنا فيمن طعن فيه لطعنا في أهل تونس وسوسة لقول التّجاني: وممّن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015