تسع وتسعين ومائة) (?) وألف عمّ إفريقية وطرابلس والجزائر، ففي شهر ربيع أوّل (?) من السّنة المذكورة ضرب بصفاقس رجل ومات من يومه، وأصيب غدا آخر وآخر، ثمّ كثر وتضاعف حتى انتهى لنحو مائتين وخمسين في كلّ يوم ببلد صفاقس، ثمّ أخذ في الرّاجع (?) على نحو مائة إلى نحو ما نزل (?)، ولقد عمّ المدن والقرى والحاضرة، وغالب البادية، والجزر كجزيرة جربة وقرقنة، وحرز (?) من مات من صفاقس (?) في أمد أيّام الطّاعون فكان نحو خمسة عشر ألفا، وفي النّساء أكثر منه في الرّجال، ولم يبق من الزّنج إلاّ النّادر الّذي لا يعدّ، ومات أكثر أهل الخير والصّلاح، وحملة القرآن العظيم، وأكثر الفقهاء، واسودّت الدّنيا في أعين أبنائها، وأيّس الناس من حياتهم وعجزوا عن الحمل والدّفن، ولا نفع (?) تميمة (?) ولا رقيا ولا تعاويذ ولا بخور ولا كتابة على أبواب الدّور، ولا غير ذلك ممّا يذكره بعضهم، فلذا قال الشّيخ الأديب أبو الحسن علي ذويب - رحمه الله وعفا (?) عنه - وقد مات بالطّاعون في الأمد المذكور لمّا أصيب به، وكان يميل لبعض أقوال الحكماء المتطبّبين وأصحاب الطلسمات وشبههم: الآن أيقنت أنّ التأثير لله، وأنّه الفعّال لما يريد، وكفرت بما يقوله الحكماء المتطبّبون / من إستعمال أكل مخصوص، وشرب مخصوص، وبخور مخصوص، واستفراغ فضول فصدا أو إسهالا، فإن الكلّ باطل، وإن ما قضاه الله كان، فقد فعلت ما أمروا به ولم يغن عنّي شيئا.

وأبلغ من هذا أنّ العدل أبا الحسن علي العش - رحمه الله تعالى - كان أغلق بابه وقطع الدّاخل والخارج زعما أنّ الهواء يفسد بالمجاورة فيدفع الفساد بتغليق الأبواب وقطع المخالطة، وكان صحيح الإعتقاد إلاّ أنّ الخوف يحمل الإنسان على أشياء لا اختيار له

طور بواسطة نورين ميديا © 2015