وكان عفيف البطن منزّها عن المسكرات، عفيف الفرج إلاّ ما أباحه الله، ولا عيب فيه، إلاّ أنّه كان يلبس خشن الثيّاب تحت ثياب الملك ليذوق مع فقراء المساكين ما هم فيه ويتذكّرهم ولا يغفل عنهم، وكان رحيم القلب ليس بفظّ ولا غليظ ولا سخّاب في الأسواق، ولا يجزي بالسّيّئة السّيّئة ولكن يعفو ويصفح، وهذه من أخلاق النبوة، وكل من خرج عن طاعته رجع إليه باختياره لما يعلم من حلمه فيأتيه ويعترف بذنوبه، فيعفو عنه ويكرمه ولا يوبّخه ولا يعاتبه سجيّة طبعه الله عليها وطوّع له بها جميع رعاياه.

وفي سنة أربع وثمانين (?) قدمت (?) مراكب الفرنسيس محاربين (?) فرموا على بنزرت بالبونبة شيئا كثيرا، ورموا على سوسة كذلك، فأضرّوا بالبلدين، ثمّ قمع الله شرّهم وقطع ضررهم بوقوع الصّلح.

حمّودة باشا الحسيني:

وفي سنة ستّ وتسعين ومائة وألف (?) حضرت وفاة سيدي علي باشا باي - رحمه الله تعالى - على فراشه، آمنا مطمئنّا على سنّ عالية، قرير العين، ودفن بتربته المعدّة لدفنه بمدرسته، فحزن النّاس لموته، ولكن قلوبهم آمنة مطمئنة بنجله الأسعد سيدي حمّودة باشا / - دام (?) علاه -، فجدّد النّاس له البيعة، فكانت تعزيته مقرونة بتهنئة البيعة العامّة، ولم يتخلّف عنها أحد، وأتت الوفود، وقصده النّاس من كلّ فجّ عميق، فأحسن وفادتهم وأكرم نزلهم، فهو سلطان وقتنا أقرّ الله به أعيننا، وأمّن به أوطاننا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015