حمّودة بن عبد العزيز - رحمه الله تعالى - بكتاب ضخم حافل (?) إستقصى فيه دولته ومزاياه وجميع أحواله. وكان الباشا - رحمه الله - يحبّه مع ما بينهما من التّباعد حبّا شديدا لأنّه صاهره الباشا بابنته، ولما يعلم من حلمه وعفّته وكرمه - رحمهم الله أجمعين -.
ولمّا منّ الله عليه بطول الملك والسّعادة وعلم أنّ الدّنيا زائلة والرّجوع إلى الله حقّ زهد في الملك (?) والحكم ومزاولة الخصومات والدّعوات، وكاتب الأعتاب العثمانية الخاقانية يستعفي من الحكم، فعوفي، ونزلت الأوامر والخلع العثمانية والتّشاريف السّلطانية لنجله الأكبر الأسعد الهمام الأمجد سيدي حمّودة باشا - نصره الله -.
وسلّم له والده في البياية فصار باشا بايا كوالده وهو سلطان وقتنا - دام مجده وعلاه وأناله الله من سعادة الدّارين سؤله ومتمناه - (?).
وانفرد والده (?) - رحمه الله تعالى - بنفسه لصلاته ودروس العلم ليلا ونهارا، وبذل المعروف والصّدقات والعفو عن الخطيّات، والإحسان للأرامل والأيتام، ولقد امتدحه الشعراء بما لا يحصى، فأجزل جوائزهم وقد استوفى ذلك وزيره في تاريخه، فليراجع ثمّة من أراد ذلك.
وأكثر من البنايات النّافعة فمنها فسقيته بتونس، ومنها مدرسته المشهورة (?) بها أيضا، ومنها قنطرة واد مليان على ثنيّة السّاحل، ومنها فسقية (?) صفاقس الّتي غفل عنها غيره / ممّن تقدمه من الملوك، ومن تنبّه لها لم يجعل الله له تيسيرا فيها حتى جاء هذا السّلطان الأسعد - رحمه الله تعالى - فكانت من غرر محاسنه، ومنها إتمام سور مدينة القيروان (?) إلى غير ذلك من أفعال الخيرات ممّا يطول إستقصاؤه.