السّلطنة، فلمّا سمع بموت سيدي محمد باي وتولية سيدي علي أخيه تحرّك لنحو تونس طالبا لملك جدّه، فسار من طرابلس خفية من الباشا مع جماعة من العرب، وصار كلّما مرّ بطائفة من الأعراب تبعه منهم جماعة فانتهى إلى قابس ومعه جموع كثيرة، ولم يزل سائرا حتّى انتهى إلى جمّال (?) فأقام بها وقاموا بدعوته، فلمّا بلغ الخبر لسيدي علي باي - رحمه الله تعالى - جهّز له عساكر من تونس، فلمّا التقى الجمعان كان الظّفر لعساكر تونس على عساكر جمّال، فخرج من جمّال / إلى وسلات فتبعته العساكر إلى وسلات، فلمّا علم أنّه لا يحصل من المكث بوسلات (?) إلا الهرج وقلة الفائدة عمل على السّفر إلى الجزائر (?) فسار إليها حتّى انتهى إليها فأكرموا نزله.
وكان - رحمه الله - بطلا شجاعا مقداما على قدم أبيه وجدّه في الشّهامة والشّجاعة. فأقام بالجزائر ما شاء الله حتّى أدركته منيّته بها - رحمه الله -.
ولمّا خرج من الجبل رآى سيدي علي باي أنّ أهل الجبل لا يسكنون من الفتنة، وخاف من طارق يقوم به، فرآى الصّواب في نزول أهله إلى البلاد فأمرهم بالنّزول منه فنزلوا وتفرّقوا، وذهب كلّ أحد منهم إلى ما اختار، فمنهم من اختار القيروان، ومنهم من اختار تونس، ومنهم من اختار السّاحل إلى غير ذلك، فأمنت فتنته وانقطعت ثائرته.
وانفرد سيدي علي باي بملكه ولم يبق له منازع، فظهر تمام حسن سيرته وسعدت رعيّته، وكان على قدم أبيه، والولد نسخة من أبيه، ومن يشابه أبه فما ظلم، بل زاد في الحلم والعفو على أبيه - رحمهم الله -، وكان يكره قتل النّفوس ولو قصاصا فيصالح أصحاب الدّماء ما أمكن من مال الجاني وإلاّ فمن ماله هو، ولا يقتل قصاصا إلاّ من لم يمكن له خلاص بوجه ما شرعي، وإذا لم يقتل قصاصا فكيف بالقتل ظلما.
وكان - رحمه الله - محبّا للعلم وأهله وللصّلاح وأهله، محسنا للفقراء، وجعل مرتّبات للعميان الفقراء، وقطع حانات الخمر أينما كانت، ولقد أفرده وزيره / الشّيخ