أحمد جعل يكاتب باشاوات العساكر العثمانية بطرابلس والجزائر، وهادنهم وطمع في اعانتهم، فكانوا عليه لا له. فبعث أولا محمد القصبي في أيام الحسن بن خير الدّين، وجاء معه إلى الجزائر لاحسانه إليه، وبعث بعد ذلك أبا الطّيب تاجا الخضار للباشا علي وهو بمدينة طرابلس، وعاد مع الباشا علي إلى الجزائر، وكاتب حاكم قسنطينة، وجعل مع درغوث باشا صحبة أكيدة، ولما نزل درغوث باشا على جربة ليفتكها من أيدي النّصارى أرسل له الأمير أحمد مددا من العساكر والمؤونة (?) وافتكها على يد علي باشا الذي كان على طرابلس، وكان مكث جربة في أيدي النّصارى ستة أشهر.
ثم إن الأمير أحمد خاف من علي باشا أن ينتزع منه تونس فطرقه همّ أشد من همّ النّصارى، وصار حائرا في أمره فدخل عليه أبو الطّيب الخضار فوجده / مطرقا إلى الأرض مطيل الفكرة، فسأله عن ذلك فقال له: «خوفا يفاجئني علي باشا ولا طاقة لي (?) به»، وكان الخضّار يود دخول العساكر العثمانية لفساد الحفصية من أجل أن أحمد الحفصي بعد أن استقامت أحواله رجع بالفساد وظلم العباد، ومدّ النظر إلى حريم النّاس، على عكس ما كان عليه أبوه من النّظر إلى أطفال المسلمين، فاجتمع عند أحمد أكثر من ثلاثمائة امرأة من بنات النّاس، فامتدت أيّامه حتى بلغ خمسا وعشرين وثلاثة أشهر ونصف.
فخرج أحمد الحفصي من تونس إلى قتال بعض أحياء العرب، فلما بعد عن البلد اتفق الخضّار مع أهل البلد باستدعاء علي باشا من الجزائر لاستنقاذ البلاد من أيدي الحفصيين لفساد نظام ملكهم وغلبة الفساد عليهم، فراسل علي باشا وحرّضه على القدوم واغتنام الفرصة، فخرج من الجزائر في عساكر عظيمة، وانضاف إليه طوائف من الأعراب كمغراوة وسويد وغيرهم نحو سبعة آلاف، وأقبل يجرّ ذيل عسكره لتونس، فلما سمع الأمير أحمد تلقّاهم بما التأم (?) عليه من العساكر ليدافع عن نفسه، وكان الملتقى على باجة، ولم يكن معه سوى الزمازمية (?) مع ما انضاف إليه وهو ألف وستمائة رجل، فلم يغن عنه ذلك شيئا فانهزم عند الملتقى، وأخذت محلته، ووصلت عساكر علي باشا / إلى مجردة، وكان زائدا، فعسر عليهم مجاوزته، فأرسلوا إلى بنزرت فجاءت الأخشاب