والألواح فصنعوا جسرا عبرت عليه العساكر، فالتقى معهم ثانيا فهزم، ثم ثالثا فهزم، وتلاشت جموعه، فدخل تونس وجمع مهمّاته وذخائره وخرج خفية ليلا، فتبعه الأعراب ونهبوا ما قدروا عليه من ورائه وسار على طريق رادس، وقطع إلى حلق الوادي، فدقّ باب الحصار ليلا فلما عرفه النّصارى قبلوه وفتح أهل تونس لعلي باشا والمنادي ينادي بالأمان، ودخل القصبة، وفرح النّاس، وقبل البيعة للسّلطان سليمان خان - رحمه الله تعالى - ليلة النّصف من شعبان سنة سبع وسبعين أو ثمان وسبعين وتسعمائة (?)، وخطب بتونس وبجميع بلاد افريقية باسم السّلطان سليمان خان الثاني - رحم الله جميعهم - ثم إن علي باشا أقام رجلا مكانه باشا، وسار حتى لحق بعمارة السّلطان في البحر، وكانوا عازمين على ملاقاة الكفار، ثم إن الأمير أحمد أخذ يسعى في استجلاب عمارة من برّ النّصارى حتى وصلت لحلق الوادي فأخرج كبير النّصارى مكتوبا لأحمد فاذا فيه مقاسمة البلاد مالا وحكما بينهم وبين الأمير أحمد، فقال أحمد: إنما شارطتكم على المال لا على مشاركة الحكم، فقال النصراني: إن قبلت وإلاّ فعندي تحت يدي من يقبل المشروط وهو أخوك محمد، فرفع الأمير أحمد يده عن ذلك وذهب إلى بليرمو / من بلاد صقلية، فأقام بها إلى أن مات، وأتي به ليدفن في الزلاج، فبعد ثلاثة أيام دفن بسيدي قاسم الجليزي (?).

محمد الحفصي: نهاية الدولة الحفصية والاستقرار العثماني بتونس:

وأما محمد الحفصي فانه تقدم، وتحمل الشروط، ولما تحقق أهل تونس تولية محمد تذكروا وقعة الأربعاء التي كانت في أيام أبيه الحسن، ففروا إلى ناحية جبل الرّصاص وجعلوا لهم دواميس يستقرّون بها، فصدم النّصارى تونس وعجز عن مدافعتهم وصار في أهل تونس {إِنّا لِلّهِ وَإِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ} (?) ما تقشعرّ منه الجلود، حتى إن الذين فرّوا صنعوا نوالات (?) في الغابة، وتسولوا على بيوت الأعراب، ونالهم من الخوف والجوع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015