وبلغه في خلال ذلك أيضا عن أهل طرّة من بلاد نفزاوة ما أوجب أن ارتحل إليها، فأطلق أيدي الجند عليها فقتلوا كثيرا من أهلها وانتهبوا أموالهم، وأطلقوا النّار في بعض دورهم (?)، ثم انتقل إلى حامّة مطماطة، ووصله الخبر أن النّاصر نكب عن طريق تونس وأخذ على طريق قفصة في أتباعه، فانتقل إلى جبل دمّر متحصنا به، ووصل النّاصر إلى قفصة / فأقام بها أيّاما ثم توجّه إلى قابس مستفهما عن أخبار يحيى فعرف بانتقاله إلى جبل دمّر فولى على قابس بعض ولاته وتوجّه إلى المهديّة، (وكان الوالي عليها علي بن الغازي ابن عم يحيى) (?) فنزل عليها بجموعه ونصب عليها الآلات الحربيّة، وقدم في أثناء ذلك الشّيخ أبا محمد عبد الواحد بن أبي حفص لقتال الميورقي، فتوجّه الشّيخ أبو محمد بجيش ضخم إليه فأحب يحيى الفرار من الجبل إلى الصّحراء فشجعه أصحابه وحرّضوه على الثّبوت له فالتقيا، فكانت للشيخ أبي محمد الوقعة المعروفة بوقعة «تاجرا» (جبل قرب قابس) (?) فاستأصل فيها أكثر أجناد يحيى، وأجلت الحرب عن قتل أخيه جبارة، وكاتبه علي بن اللمطي، وعامل له يقال له «الفتح بن محمد» وفرّ يحيى في شرذمة قليلة، وكان قد قدم عياله وأهله على نحو خمسة فراسخ من المعركة فلمّا فرّ أخذهم بين يديه ولولا ذلك لسبوا، واستنقذ الشّيخ أبو محمد من يده السّيد أبا زيد حيا بعد أن ضربه الموكل به بسيفه ضربات قصد بها قتله فأعجل عن الاجهاز عليه، واستنقذ أيضا جماعة من الموحّدين سواه كانوا في يده وأخذ رايته السوداء، وأحاط الموحّدون بجميع ما في العسكر من الأموال والابل فانتهبوها، ورجع الشيخ أبو محمد بجميع ذلك إلى النّاصر وهو محاصر للمهديّة، وأركب الأمين الوكيل بثقاف الشّيخ أبي زيد على جمل سام شهرة له وبيده الرّاية السّوداء فطيف به (?) على المهديّة، وكانت الهزيمة ثاني عشر شهر ربيع الأول سنة / اثنتين وستمائة (?)، ووضع (?)